وإن كانت النجاسة واقفة فالحكم ما سبق إلا أن ما يجري على النجاسة وينفصل عنها فهو نجس فيما دون القلتين. انتهى كلام الغزالي.
وفيه أمور:
أحدهما: أن ما ذكره من طهارة الجريان التي بعد النجاسة والتي قبلها قد وافقه عليه الرافعي والنووي، وإطلاقه لا يستقيم، كما نبه عليه البغوي في "التهذيب"، ونقله عنه في "شرح المهذب" فقال: إن الجرية التي تعقب جرية النجاسة تغسل المحل فهي في حكم غسالة النجاسة.
والذي قاله البغوي ظاهر متعين حتى لو كانت نجاسة مغلظة فلابد من سبع جريات عليه، ثم إن ما عدا السابعة من تلك الجريات نجس أيضًا على تفاوت بين تلك الغسلات في عدد ما يجب الغسل منها وهو مذكور في حكم غسالة الكلب واضحًا فليراجع منه.
الأمر الثاني: أن الرافعي قد ذكر عقب هذا أن منهم من أجرى خلاف التباعد فيما بعد النجاسة دون ما قبلها؛ لأن ما بعدها مستمد مما قبلها، وإن في كلام العراقيين ما يقتضي طرده في جميع الجوانب وهاتان الطريقتان لم يذكرهما في "الروضة".
الأمر الثالث: أن الطريقتين اللتين فيما على جانبي النجاسة لم يصحح الرافعي منهما شيئًا في هذا الكتاب وتبعه عليه في "الروضة" وصحح الرافعي في "الشرح الصغير" طريقة التخريج وعبر بالأظهر، وصحح النووي في "شرح الوسيط" المسمى "بالتنقيح" طريقة القطع، وهو الصواب فقد نقلها في "النهاية" عن الأكثرين.
وصرح -أعني الإمام- بأن الخلاف المذكور محله في الباقي من هذه