فهل للإمام التعزير؟ فيه وجوه: أشبهها: الفرق بين أن يكون العفو عن الحد فلا [يعزر]، وبين أن يكون عن التعزير فيعزر لأن الحد لازم مقدر ولا يتعلق بنظر الإمام بخلاف التعزير. انتهى.
واعلم أن الرافعي قد ذكر في أوائل الفصل الثالث من الباب الثاني من أبواب اللعان ما يتبادر إلى الفهم منه مخالفته لهذا، وليس كذلك بل يستفاد منه حكم آخر فحصل الغلط هاهنا من عدم استحضاره فقال: والتعزير على نوعين.
تعزير تكذيب: وهو الذي شرع في حق الزاني الكاذب ظاهرًا فإنه يكذب بما يجري عليه وذلك كما إذا قذف زوجته الذمية أو الصغيرة التي يوطأ مثلها.
وتعزير تأديب: وهو أن يكون كذبه معلومًا أو صدقة ظاهرا فيعزر لا تكذيبا له ولكن تأديبًا.
فأما النوع الأول فالتعزير فيه يستوفي بطلبها.
وأما الثاني فظاهر كلام الشافعي أنه إنما يستوفي أيضا بطلبها، وحكي الإمام وجهًا أنه يستوفيه السلطان ولا يتوقف على طلبها كما يؤدب من يقول الناس زناة.
والمذهب الأول لأنها المقصودة بالإبداء والمتضررة بإشاعة الفاحشة انتهى ملخصًا.
فاستفدنا بما قاله هناك أن التعزير يتوقف على الطلب على الصحيح، وهذا الحكم لم يذكره هنا بل قد ربما. يتوهم خلافه فيقال إذا جاز بعد الإسقاط جاز قبل الطلب بطريق الأولى، وليس كذلك بل الفرق أنه إذا عفى فقد أسقط حقه فيبقي حق الإصلاح إلى الإمام، وإذا لم يطالب فالإصلاح منتظر بطلبها فلم يؤنس منه، وأيضا فلو أقيم قبل الطلب لفوت عليه هذا الحق وهو حق الطلب وحصول التشفي.