بمجرد الماء وأمكن إزالته بالحت والقرص لا يجب الاستعانة على إزالته بهما على خلاف ما يقتضيه كلام الغزالي، وقد تابعه عليه النووي في "الروضة" وخالفه في "شرح الوسيط" المسمى "بالتنقيح" وهو كتاب محرر عمدة، ومن أواخر ما صنف فقال فيه في أثناء كلامه على المسألة: إن الأمر [كما](١) قال الغزالي، وذكر مثله في "التحقيق" أيضًا فإنه قال: ولا يضر بقاء لون أو ريح عسر زواله، ثم قال بعد ذلك: وإذا أمكن إزالته، بأشنان ونحوه وجب.
وكلامه في "شرح المهذب" مضطرب فإنه ذكر أولًا أن الاستعانة على إزالته واجبة، ونقله عن الأصحاب قاطبة، ثم نقل عن الرافعي بعد ذلك بقليل أنه لا يجب وأقره عليه وهو يقتضي انفراد الرافعي به، وكأنه أراد أن يردفه بما ينبه على غلطه فنسى.
فلنكشف القناع عن هذه المسألة ونبين وجه الصواب فيها طالبين من الله التوفيق.
فنقول: الأثر له حالان:
أحدهما: أن يتوقف زواله على الاستعانة بشيء من حت أو قرصٍ؛ فالموجود فيه لأئمة المذهب هو الوجوب، فقد صرح به القاضي الحسين في "التعليق" والمتولي في "التتمة" والإمام في "النهاية" وهو مقتضى كلام الغزالي المتقدم، ونقله عنه ابن الرفعة في "الكفاية" ولم يحك غيره ونقله في "شرح المهذب" عن الأصحاب كما تقدم، وأوضحه في "البيان" فقال: فإن غسله وبقى له أثر لم يزله الماء ولا يزول إلا بالقطع عفي عنه هذا كلامه.
وقال ابن الصلاح: الحت هو الحك بعود أو نحوه، والقرص تقطيعه