الشافعي ولا عن أحد من أئمة مذهبه، وهو يُقَوِّي ما قلناه أولًا من عدم اطلاعه فيها على نقل عندنا.
والثاني: أنه خلاف الأولى، وهو ما اختاره ابن أبي الدم في الشرح المذكور، وفيه نظر لأن المكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود، وخلاف الأولى ما لم يرد فيه ذلك، هكذا فرق الإمام وغيره بينهما، ونقله عنه الرافعي في باب أداء الزكاة.
والنذر قد ورد فيه نهي مقصود فإن أوّل ذلك وتمسك بالقياس وغيره مما سيأتي لزم استحبابه، وإن لم يؤول وتمسك بظاهره لزم كراهته، فالقول أنه خلاف الأولى ضعيف.
والثالث: أنه قربة وهو ما جزم به المتولي في كتاب الوكالة فقال: لا يجوز التوكيل في النذر لأنه قربة.
وكذلك الغزالي في كفارة الظهار من "الوسيط" قُبَيْل الخصلة الثانية، وهو مقتضى كلام الرافعي المتقدم، ونقل ابن أبي الدم أن جماعة قالوا بذلك قال: وهو القياس، وذكر النووي في باب ما يفسد الصلاة من "شرح المهذب" ما يقتضيه فقال: وإذا نذر شيئًا في صلاته وتلفظ بالنذر عامدًا ففي بطلانها وجهان: أصحهما: أنها لا تبطل، لأنه مناجاة لله تعالى فأشبه الدعاء، ولأنه يشبه "سجد وجهي للذي خلقه"(١) إلى آخره.
والرابع: التفصيل: فيستحب نذر التبرر وهو الذي ليس معلقًا على شيء، ولا يستحب النذر المعلق، وهذا التفصيل ذكره ابن الرفعة فقال في باب الوكالة من المطلب: أما كونه قربة فلا شك فيه إذا لم يكن معلقًا، فإن كان معلقًا فلا نقول: إنه قربة، بل قد يقال بالكراهة. هذا كلامه، وهو غريب مؤذن بعدم اطلاعه على الخلاف. وأشار أيضًا إلى اختيار
(١) أخرجه مسلم (٧٧١) من حديث عليّ - رضي الله عنه -.