بترجيح، ثم إنه لخص ذلك في "الوسيط"، ورجح أيضًا فقال: ففي وجوب استيفائه نظر، لأنه لا ولاية له على تلك البقعة، ولكن الصحيح وجوبه لأن سماع الوالي بالمشافهة كسماع قاض آخر شهادة الشهود، هذه عبارة "الوسيط".
فعبر الرافعي بالصحيح كما عبر الغزالي وليس لهما فيه اصطلاح، فقد يكون ذلك من وجهين وقد يكون من احتمالين في المسألة، فأطلق النووي التصحيح ولم يعزه إلى الغزالي مع كونه قد اصطلح على ما اصطلح فلزم ما ذكرناه من الخلل.
الثاني: إيهامه أن هذا الترجيح -المنقول عن الغزالي المشتمل على ما ذكرناه من احتمال الغلط- من الأحكام المشهورة في المذهب المقررة بين أهل المسألة عندهم، وأن الخلاف فيها ضعيف.
قوله: قال -يعني في "الوسيط"-: ولا يكاتب القاضي وليًا غير قاضي؛ لأن الكتاب إنما يثبت بشهادة الشهود، ومنصب سماع البينة يختص بالقضاة.
نعم إن كان الوالي صالحًا للقضاء وجعل له النظر فيه بنفسه وفي تقليده من يراه فيجوز مكاتبته، نص عليه في "المختصر". انتهى كلامه.
وما ذكره من الجزم بأن سماع البينة يختص بالقضاة قد تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، ثم صحح بعد ذلك من "زوائده" خلافه ذكر ذلك قُبيل الباب الرابع في الشاهد واليمين وسأذكر لفظه هناك، وقد صرح بالمسألة بخصوصها جماعة منهم الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر" والفوراني في "الإبانة" ولنذكر لفظ الماوردي فإنه أبسط، فقال: يجوز أن يكتب إلى أمير البلد بما حكم به، ويجوز أن يكتب أيضًا إلى قاضيها، فإن كتب برفع يد عن عين: فالأمير أولى، وإن كتب باستيفاء دين فالقاضي: أولى لأن القاضي بإلزام الحقوق أخص، قال: ولا فرق في هذين القسمين