بين أن تكون بلد الأمير داخلة في ولاية القاضي أم لا، ثم قال بعد ذلك بنحو كراس: مسألة: قال الشافعي - رضي الله عنه -: وكتاب القاضي إلى الخليفة والخليفة للقاضي والقاضي للأمير والأمير للقاضي إذا تعلقت بأحكام وحقوق لا تثبت إلا بالشهادة بالتحري والأداء، فأما كتبهم في الأوامر والنواهي، والكتب إليهم في الأعمال والأقوال فمقبولة على ما جرت به العادة في أمثالهم من ختمها وإرسال الثقات بها، لأن الهيبة [لا تمنع](١) من التزوير فيها، وما زور منها يظهر والاستدراك فيها ممكن، انتهى موضع الحاجة من كلامه.
قوله: وإذا ادعى بعين غائبة يؤمن الاشتباه فيها كالعقار والعبد والفرس المعروفين، فالقاضي يسمع البينة ويحكم ويكتب إلى قاضي بلد المال ليسلمه إلى المدعي، وإن لم يؤمن فيها الاشتباه فهل يسمع البينة على عينها وهي غائبة؟ فيه قولان:
أحدهما: لا، وبه قال المزني ورجحه طائفة من الأصحاب منهم أبو الفرج الزاز.
والثاني: نعم، وهو اختيار الكرابيسي والإصطخري، ورجحه ابن القاص وأبو علي الطبري، وأجاب به القفال في "فتاويه". انتهى.
والمرجح هو السماع، فقد قال الرافعي في "المحرر": إنه أقرب الوجهين، وفي "الشرح الصغير": إنه أرجحهما، وصححه النووي في "الروضة" بعد هذا بقليل ولم ينبه على أنه من "زوائده" بل أدخله في كلام الرافعي فتفطن له.
قوله: ثم إن كان الكتاب بسماع البينة فقط انتزع المكتوب إليه المال وبعثه إلى الكاتب ليشهد الشهود على عينه، وفي طريقه قولان:
أشهرهما: يسلمه إلى المدعي ويأخذ منه كفيلًا ببدنه، وتختم العين عند