سكت هو و"النووي" عما إذا لم نجوز التحكيم، والحكم فيه: أنه لا يبطل بل يصح ويكون وكيلًا، حتى لا تشترط فيه العدالة، كذا ذكره في "الشرح الصغير"، ويظهر أنه كان هكذا في "الكبير"، ولكن سقط ذلك من النُّسخ.
قوله: ويجب على الإمام أن يرزق قاسمًا من سهم المصالح، فإن لم يكن فيها فضل فلا يتعين قاسمًا لئلا يغالي في الأجرة، ولئلا يواطئه بعضهم فيحيف، بل يدع الناس ليستأجروا من شاؤوا. انتهى كلامه.
لم يبين هل المنع من التعيين على جهة التحريم أم لا؟ وقد اختلفوا فيه: فقال القاضي الحسين: إنه حرام، وقال الفوراني: إنه مكروه.
قوله: ولو استأجروا قاسمًا وسمى كل واحد أجرة التزمها، فله على كل واحد ما التزم، هذا إذا استأجروا جميعًا، بأن قالوا: استأجرناك لتقسم بيننا كذا بدينار على فلان وبدينارين على فلان مثلًا، أو وكلوا وكيلًا عقد لهم كذلك.
فلو استأجروا في عقود مرتبة فعقد واحد لإقرار نصيبه، ثم الثاني كذلك، ثم الثالث، فقد جوزه القاضي حسين، وأنكره الإمام وقال: هذا بناء على أنه يجوز استقلال بعض الشركاء باستئجار القاسم لإقرار نصيبه، ولا سبيل إليه لأن إقرار نصيبه لا يمكن إلا بالتصرف في نصيب الآخرين ترددًا وتقديرًا، ولا سبيل إليه إلا برضاهم، لكن يجوز انفراد أحدهم برضى الباقين، فيكون أصيلًا ووكيلًا ولا حاجة إلى عقد الباقين. انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الروضة" أيضًا وفيه أمور:
أحدها: أن التصور الأول قد ذكره القاضي أبو الطيب، وغيره ومعناه: أن كل واحد يعقد بنفسه خاصة، ويسمى ما عليه، إلا أن لفظ الجميع وقع دفعة واحدة، وليس المراد أن كل واحد يعقد لنفسه ولغيره، وإلا جاء المحذور الآتي بعد هذا من كونه ليس وكيلًا.