الأمر الثاني: أن ما ذكره الإمام من المنع محله في غير صورة الإخبار، كذا صَرّح هو به في "النهاية".
الأمر الثالث: أن المعروف هو ما قاله القاضي حسين، وقد لخص في "الكفاية" بعضه، فقال: ولو استأجر كل واحد منهم القاسم في حقه خاصة دون شركائه، قال الماوردي والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم: جاز بلا خلاف عندنا وعليه نص الشافعي. هذا كلامه، ثم ذكر عقيبه ما قاله الإمام وأن الغزالي تبعه عليه.
قوله: فلا يُكسر جوهر نفيس، ولا يُقطع ثوب رفيع، ولا يُقسم زوجا خف، أو مصراعا باب إن طلبه أحدهما، فإن تراضيا بقسمته وطلبوها من القاضي، فإن بطلت المنفعة بالكلية لم يجبهم ويمنعهم أن يقتسموها بأنفسهم لأنه سفه، وإن نقصت كَسَيْف يكسر لم يجبهم في الأصح، لكن لا يمنعهم أن يباشروا القسمة. انتهى كلامه.
وما ذكره هنا من امتناع ذلك على القاضي وأنه لا يمنعهم، وتابعه عليه في "الروضة" أيضًا قد ذكر مثله في كتاب الصلح في قسمة الجدار طولًا، قال: لا يجيبهما إليه؛ لأنه إتلاف ولكنهما يباشرانه بأنفسهما إن أرادا، كما لو هدما الجدار واقتسما نقضه، والذي ذكروه مشكل، لأنه إن لم يكن حرامًا: يمتنع على القاضي ذلك، وإن كان حرامًا: فليس له التمكين منه ويتفرع على ما ذكره فرعان فيهما نظر:
أحدهما: لو كان القاضي أحد الشريكين.
والثاني: لو فوضا القسمة إلى ثالث فهل يكون كالقاضي أم لا؟ وهذه المسألة قد تكلموا أيضًا فيها في البيع فينبغي هناك استحضار ما ذكروه هاهنا فيها.