الأمر الثاني: أن القياس في الغناء المضموم إلى الآلة المحرمة، تحريم الآلة فقط وبقاء الغناء على كراهته، ولكن وقع فيه تعارض عجيب تقدم إيضاحه في أواخر باب تعليق الطلاق فراجعه.
وقد ذكر الإمام في الكلام على الشطرنج إذا انضم إليه بهتان أو ترك صلاة ونحو ذلك هذا الاعتراض بعينه وهو واضح.
قوله: وفي اليراع وجهان صحح البغوي التحريم والغزالي الجواز وهو الأقرب. انتهى.
قال في "الروضة": الأصح أو الصحيح تحريم اليراع وهي التي يقال لها: الشبابة، ممن صححه البغوي وغيره، وقد صنف الدولعى كتابًا في تحريمه مشتملًا على نفائس والله أعلم.
وفيما قاله في "الروضة" أمران:
أحدهما: أن اليراع بفتح الياء المثناة من تحت وتخفيف الراء وبالعين المهملة جمع يراعة أو اسم جنس واحده يراعة، قاله النووي في "تهذيبه"، وقال الجوهري: اليراع القصب واليراعة القصبة.
وإذا علمت ذلك علمت أن اليراع متعدد وحينئذ فلا يصح تفسيره بالمفرد وهي الشبابة بالباء.
الثاني: أن نقل المنع من زوائده عن البغوي عجيب فقد ذكره الرافعي وليس ببعيد بل قبل ذلك بنحو سطر ثم إن المقام يقتضي أن النووي لو استحضر قائلًا بالتحريم غير من ذكره لصرح به.
واعلم أن المنع قد رجحه الشيخ أبو حامد فقال: إنه القياس، وصححه الخوارزمي في "الكافي" وجزم به ابن عصرون، وأما الجواز فقال به الماوردي والخطابي والروياني ومحمد بن يحيى في "المحيط".