للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقدمها ولأن العلم كان في شبابه، وكان فيه طابع الجدة والابتكار، وكلما تأخر العصر كثر التكرار وغلبت الشروح والمختصرات، ولكن هل هذا حكم عام؟ لا أظن ذلك، فقد يكون للمتأخر فضل على المتقدم بما يفيد من علم الأوائل، ويضيف إلى الخبرات الناضجة والعلم الرصين.

إن المخطوطات التي وصلت بخط مؤلفيها، وخاصة إذا كان المؤلف من العلماء المعروفين المتميزين، أو كتبها علماء معروفون، هذه المخطوطات لها مكانة خاصة، وهناك كتب متأخرة حفظت وجمعت معلومات ونصوصًا من كتب قديمة فُقدت أصولها، وقد عرف بعض المؤلفين بتضمين مؤلفاتهم رسائل وكتبًا وأشعارًا كثيرة، من أولئك ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة الذي ضمَّن كتابه كتبًا كثيرة، وكذلك فعل البغدادي في خزانة الأدب، فهذه الكتب لا يقعد بها تأخرها، بل لها الفضلُ في حفظ ما ضاعَ من كتب قيمة قديمة، ولذلك فهي تأتي في أهمية النشر بالمرتبة الثانية بعد كتب الصدر الأول.

وهناك كتب لمصنفين تناولت موضوعات سبق إليها الأولون وطرقها غيرهم من المؤلفين، ولكنها تَمتاز عن سابقاتها بحسن العرض وجودة المعنى وبراعة التنسيق، والترتيب، بالإضافة إلى أنها تصحح أخطاء السابقين، وتستدرك عليهم، وتشرح الغامض المستغلق، وتجمع المتفرق، وتتم الناقص، فهذه الكتب تفضل ما سبقها من الموجز أو المخل أو المبهم أو المستغلق، ولهذه الكتب منزلة وتأتي في المرتبة الثالثة في أولويات التحقيق والنشر.

وهناك ضربُ رابع ممَّا يَجب أن يولي عناية في التحقيق، تلك الكتب النافعة التي طبعت طباعة رديئة، ولم يرجع ناشروها إلى النسخ المخطوطة، وظهرت ناقصة ومملوءة بالأخطاء والأوهام، وتكون الفائدة منها قاصرة، هذه الكتب إذا توافرت نسخها المخطوطة أهل للعناية

<<  <  ج: ص:  >  >>