فيه أمران أحدهما: أن النووي -رحمه الله- قد وافق في "الروضة" وفي أكثر كتبه على الكراهة المذكورة في حق الصائم، ورجح في "شرح المهذب" خلافه فإنه حكى قولًا آخر أنه لا يكره ثم قال: وهو المختار.
وفي كتاب الصيام عن القاضي حسين أنه يكره في الفرض ولا يكره في النفل خوفًا من الرياء بتقدير الترك.
الأمر الثاني: أن تعبيره بالصائم يقتضي أن الكراهة تزول بغروب الشمس والمسألة فيها وجهان:
أحدهما: ما ذكرناه.
والثاني: أنها تبقى إلى الفطر. كذا حكاهما في "شرح المهذب" وقال: إن الأصح هو الأول، ونقل الثاني عن الشيخ أبي حامد، ثم ذكر أيضًا في كتاب الصيام من الشرح المذكور فرعًا يقتضي موافقة الشيخ أبي حامد، فإنه قال: ذكر صاحب "البيان" أنه يكره للصائم إذا أراد أن يشرب أن يتمضمض ويمجه وكأن هذا سببه بكراهة السواك للصائم بعد الزوال لكونه مزيلًا للخلوف هذا كلامه.
ونقل في "شرح التنبيه" المسمى "بالتحفة" كلام الشيخ أبي حامد ولم يذكر غيره.
فإن قيل: ينبغي رجحان هذا لأن الخلوف من أثر الصوم فلا يزال، وإن كان بعد الوقت فالجواب أن إطلاق الصائم عليه بعد الغروب إنما هو على سبيل المجاز؛ لأنَّه اسم فاعل قد انقضى فلا يدخل في قوله -عليه السلام-: "لخلوف فم الصائم"(١) فإن الخلوف إذ ذاك ليس من فم الصائم حقيقة.
(١) أخرجه البخاري (١٧٩٥)، ومسلم (١١٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.