الثالث: أن عبارة الرافعي تدخل فيها ما إذا جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم لغرض ما من سفرًا ومطرًا ومرض حتى يكره له التنفل في وقت الظهر؛ لأنه يصح أن يقال: تنفل بعد صلاة العصر أداء والأمر كذلك وقد صرح البندنيجي في باب صلاة المسافر من تعليقه نقلًا عن الشافعي والأصحاب، ونقله عنه ابن الرفعة في الباب المذكور أيضًا في الكلام على شروط الجمع وهي مسألة حسنة غريبة وحكمها متجه ورأيت في فتاوي العماد بن يونس الموصلي أنه لا يكره قال: لأنه لو نسى الصبح أو العصر وصلاه لا يكره وإن كان وقتها، والذي قاله مردود بما ذكرناه مجموع بنص الشافعي والاستشهاد الذي استدل به ليس نظير ما نحن فيه على أنه قد تابعه بعض المتأخرين ممن شرح الوسيط ذهولًا عما تقدم وهذا القائل هل يقول بالكراهة بمجرد دخول وقت العصر أم لابد من مضى زمان يسع فعلها؟ فيه نظر، وقوله: قيد رمح هو بكسر القاف أي قدر وقاد لغة فيه، وقاس وقيس بالسين مثله أيضًا.
قوله: ولا يكره في هذه الأوقات صلاة لها سبب متقدم أو مقارن فمنها صلاة التحية فإنها لا تكره خلافًا لأبي عبد الله الزبيرى، ثم قال فلو دخل في هذه الأوقات لا لحاجة بل ليصلي التحية فوجهان أقيسهما أنها تكره كما لو أخر الفائتة ليقضيها في هذه الأوقات. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن المكروه في حق مؤخر الفائتة الذي قاس عليه هذه المسألة إنما هو التأخير ولا يصح القول بكراهة الفعل فإنه إما واجب أو مستحب وحينئذ فيكون المكروه في حق الداخل إنما هو الدخول لذلك الغرض، وأما الصلاة نفسها فلا تكره بعد الدخول وهو متجه على أن الإمام قد جزم في تأخير الفائتة بعكس ما ذكره الرافعي.