أصح الوجهين ثم قال: وإذا أقاموا الجماعة الثانية مكروهة كانت أو مكروهة فهل يستحب لهم الأذان؟ فيه قولان: حكاهما الإمام عن "التقريب":
أحدهما: لا، لأن كل واحد منهم مدعو بالأذان الأول، وقد أجاب بالحضور فصاروا كالحاضرين في الجماعة الأولى بعد الأذان.
وأظهرهما: نعم؛ لأن الأذان الأول قد انتهى حكمه بإقامته الجماعة الأولى لكن لا يرفع فيه الصوت لئلا يلتبس الأمر على الناس، وأما ذكر المصنف في الوجيز المطروق في صورة المسألة فليس للتقييد؛ لأن رواية صاحب "التقريب" مطلقة ولعله إنما ذكره؛ لأنه إمامه جماعة إنما يتفق غالبًا في المساجد المطروفة. انتهى كلامه.
فيه أمور تتوجه أيضًا على كلام "الروضة":
أحدها: أن الذي قاله من الكراهة ليس على إطلاقه بل محله ما إذا كان المسجد غير مطروق، وإن كان مطروقًا كأكثر المساجد أو كثير منها فلا كراهة كما يأتيك في موضعه.
الثاني: أنه يقتضي ترتيب قولين على أحد الوجهين والقولان للشافعى، فكيف يتفرعان على وجه للأصحاب، وقد حكى البغوي الخلاف قولين لا وجهين وذلك حينئذ واضح.
الثالث: أن الذي قاله من استحباب الأذان للجماعة مع قولنا إنها مكروهة خارج عن القواعد ولابد فيه من نقل صريح، فإن الرسائل لها حكم المقاصد، وكيف تكون الجماعة مكروهة والدعاء إليها مستحبًا، ويؤيد ما ذكرناه تقييد "الوجيز" الذي توهم الرافعي أنه لا فائدة له فتفطن له.
قوله: فإن قلنا تؤذن المرأة للنساء فلا ترفع صوتها بحال فوق ما يسمع صواحبها ويحرم عليها الزيادة على ذلك. انتهى.