للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذكره من تحريم الرفع ذكر مثله في "الشرح الصغير"، وجزم به أيضًا النووي في "الروضة" وصححه في "شرح المهذب"، واستدل عليه بقوله كما يحرم كشفها بحضرة الرجال؛ لأنه يفتتن بصوتها كما يفتتن بوجهها هذه عبارته.

والذي ذكراه من التحريم مخالف لما ذكره في الغناء فإنهما قالا في كتاب "الشهادات": إن المذهب المشهور جواز غناء المرأة وأنه يجوز للرجل سماعه منها وإن كانت أجنبية حرة كانت أو أمة قالا: والخلاف هو الخلاف في أن صوتها عورة أم لا؟ وأنت [إذا] (١) تأملت هاتين المقاتلين قضيت عجبًا من تجويزهما إسماع الرجل الغناء وتحريمهما إسماعه الأذان لخوف الفتنة، وما أشبه هذه المقالة بقول الحسن البصري لأهل العراق: تستحلون دم الحسين وتسألون عن دم البراغيث.

نعم: تعليله في "شرح المهذب" يقتضي جواز الرفع [بحضرة المحارم، وبالجملة فقد نص الشافعي على المسألة وصرح بجواز الرفع] (٢) فقال في "البويطى" في باب إمامة النساء ما نصه: غير إني لا أحب لهن أن يرفعن أصواتهن بالأذان. هذا لفظ الشافعي بحروفه، ومن البويطي نقلته. فثبت إن الصواب هو الجواز فلتكن الفتوى عليه.

ويؤيده أيضًا جواز رفع الصوت بالتلبية على كلام فيه ستعرفه إن شاء الله تعالى في بابه مع أنها قد تلبي بحضرة الرجال ومع سكون الأصوات لأمر ما: إما لتقديم إحرامها أو لغير ذلك.

قوله: قال في "النهاية": وإذا قلنا المنفرد لا يرفع صوته فلا يعني به أن الأولى ألا يرفع فإن الرفع أولى في حقه ولكن نعني به أنا نعتد بأذانه دون الرفع. انتهى.


(١) سقط من جـ.
(٢) سقط من جـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>