للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كان هذا الإقليم عقب الشافعي بمدة بالنسبة إلى الشافعية كذلك، وكانت الرحلة إليه من الآفاق، فلما استولى عليه العبيديون -المعروفون بالفاطميين- انتدبوا إلى العلماء فقتلوا البعض ونفوا البعض وعوضوهم بعلماء الرفض، واستمر الحال على ذلك قريبًا من ثلاثمائة سنة إلي أن أهلكهم الله تعالى على يد صلاح الدين بن أيوب، فعاد الأمر بحمد الله تعالى كما كان من ظهور هذا الإقليم في ذلك على غيره، ولله الحمد.

واعلم أني لم أزل من زمن الطلب إلى الآن قائمًا بدعوة ما غبر من التواليف، ودثر من التصانيف، معتنيًا بإظهار خفاياها، وإبراز زواياها حتى أحياها الدهر وأنشرها، بعد أن أماتها فأقبرها، وحصل منها من المهمات المتعلقة بالكتابين ما أشرت الآن إليه ودللتك آنفًا عليه، فلذلك شرعت ملتمسًا من الله التوفيق، مقتبسًا منه التحقيق، في كشف القناع عن تلك المخدرات المخبآت، وتشنيف الأسماع بتلك المستعذبات المستغربات، نصيحة للمتعلمين، وإرشادًا للحكام والمفتين فإن أحرى [أحوال أحلامهم] (١)، وأعلى [أعمال أعلامهم] (٢)، مطالعتهم لأحد التأليفين ومراجعتهم أحد التصنيفين فيفتون به ويقضون، ويبرمون وينقضون {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (٣).

فجمعت ما حضرني من ذلك ليسير شياعًا، ويثير انتفاعًا، ولا يصير ضياعًا، بل يبقى في التأليف محفوظًا، وبعين العلماء ملحوظًا، وإن كان كثير منه قد اشتهر بحمد الله تعالى من تواليفى وعلى لسان من أخذ مني، أو الآخذين من الآخذين عني، وضممت إليها أنواعًا أخرى لابد منها، ومجموع ذلك عشرون نوعًا:

الأول: بيان ما في الكتابين مما خالفاه في موضع آخر، إما في الكتابين


(١) فى أ: أعلامهم.
(٢) سقط من أ، ب.
(٣) يوسف: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>