عكسه، وهو أنه إذا لم يقف في طرق البلد، ولكن استقبلها فإنها تكره على الثاني دون الأول، وهذا كله عجيب، فقد سبق من كلام الرافعي فيما نقلناه الآن عنه أن الشغل كاف في الكراهة، وذكر في الكلام على المقبرة أن الغلبة كافية أيضًا فيها.
وحينئذ فتكره الصلاة في القسمين جميعًا إلا أنها لمعنى واحد لا لمعنيين، وبه صرح في "الكفاية" أيضًا.
الأمر الثالث: أنه قد تلخص من مجموع كلام الرافعي أن فرش الطاهر يزيل الكراهة فيما غلبت فيه النجاسة دون ما تيقنت فيه فتأمله، وتفطن له، وهو ظاهر، لأن عدم التحقق قد ضعف بالحائل والكلام على الحديث يأتي عقب هذه المسألة.
قوله: وأما بطن الوادي فسبب النهي فيه خوف السيل السالب للخشوع، فإن لم يتوقع السيل فيجوز أن يقال: لا كراهة وتحتمل الكراهة لمطلق النهي. انتهى.
اعترض النووي في "الروضة" و"شرح المهذب" وغيرهما من كتبه على الرافعي باعتراض صحيح فقال: تبع الإمام الرافعي، الغزالى، وإمام الحرمين في إثبات النهي عن الصلاة في بطون الأودية مطلقًا، ولم يجئ في هذا نهي أصلًا، والحديث الذي جاء فيه ذكر المواطن السبعة ليس فيه الوادي، بل فيه المقبرة بدلًا منه، ولم يصب من ذكر الوادي، وحذف المقبرة.
والحديث من أصله ضعيف ضعفه الترمذي وغيره وإنما الصواب ما ذكره الشافعي - رضي الله عنه - فإنه كره الصلاة في وادٍ خاص، وهو الذي نام فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن معه عن الصبح حتى فاتت، وقال: اخرجوا بنا من هذا الوادي، وصلى خارجه. هذا كلام النووي.
واعلم أن الترمذي لما روي هذا الحديث قال: إسناده ليس بذاك القوى.