قوله: وأما أعطان الإبل، فقد فسرها الشافعي - رضي الله عنه - بالمواضع التي تنحى إليها الإبل الشاربة ليشرب غيرها، فإذا اجتمعت استقت، ولا كراهة في مراح الغنم، وهو مأواها ليلًا.
روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"إذا أدركتكم وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها، فإنها سكينة وبركة، وإذا أدركتكم وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها، وصلوا فإنها جن خلقت من جن ألا ترى إذا نفرت كيف تشمخ بأنافيها"(١).
والفرق من وجهين:
أحدهما: أن الصلاة في مأوى الجن والشياطين مكروهة.
والثاني: أنه يخاف من نفارها وذلك يبطل الخشوع، والمعنيان لا يوجدان في المراح، وقد يتصور في الغنم مثل ما يتصور في أعطان الإبل وحكمهما واحد، ومأوى الإبل ليلًا كالموضع المعبر عنه بالعطن، نظرًا إلي المعنى، وهذا كله إذا كان الموضع طاهرًا، فإن كان نجسًا لم يصح فيها. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن تعبيره بقوله: وحكمهما واحد ظاهره: أن حكم العطن، وما يتصور مثله في الغنم واحد وليس كذلك، بل مراده أن حكم المتصور مثله في الغنم، وحكم المراح واحد، فاعلم ذلك.
وقد صرح به هكذا في "الشرح الصغير" وفي "أصل الروضة".
الأمر الثاني: أنه قد وقع في "شرح المهذب" أن كراهة الصلاة في
(١) أخرجه الشافعي (٧٤) والبيهقي في "الكبرى" (٤١٥٤) من حديث عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى.