وما ذكره من تنجيسه للماء القليل، قد ذكر في "الروضة" مثله أيضًا، وصرح في موضعين من "شرح المهذب" بأنه لا خلاف في تنجيسه.
الأول في "كتاب الطهارة" قبل باب ما يفسد الماء من الاستعمال فقال: ولو انغمس فيه مستجمر بالأحجار نجسه بلا خلاف، هذا لفظه.
والثاني في آخر باب الاستنجاء فقال: ولو انغمس هذا المستجمر في مائع أو في ماء دون قلتين نجسه بلا خلاف. هذه عبارته أيضًا.
ولم يذكرها في غير هذا الموضع من الشرح المذكور إذا علمت ذلك فاعلم أنه قد ذكر المسألة في "التحقيق" قبل باب ستر العورة، وحكى فيها وجهين، وزاد على ذلك فجعل الخلاف قويًا، فإنه قال: ولو وقع في ماء قليل أو مائع فالأصح تنجيسه لمستنج دون طائر وفأرة، ونحوهما. هذا لفظه والصواب: ما في "شرح المهذب" فإن المذكور في "التحقيق" مأخوذ من كلام موهم ذكره هنا في "شرح المهذب".
قوله: ولو حمل المصلى من استنجى بالحجر أو من على ثوبه نجاسة معفو عنها لم تصح صلاته في أصح الوجهين، ويقرب منهما الوجهان فيما لو عرق ولوث محل النجو غيره، لكن الأصح هاهنا العفو لتعذر الاحتراز بخلاف حمل الغير. انتهى.
تابعه النووي على ذلك في "الروضة"، وكذلك في هذا الباب من "شرح المهذب" وحاصله أن الخلاف إنما هو في المجاور لمحل النجو، فإن الصحيح فيه العفو، ثم ذكر -أعني النووي- ما يخالفه في آخر باب الاستنجاء من الشرح المذكور فقال ما نصه: الرابعة: إذا استنجى بالأحجار فعرق محله، وسال العرق منه، وجاوزه وجب غسل ما سال إليه، وإن لم يجاوزه فوجهان: