للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة أيضاً قوله: وقد قال العراقيون - مخالفة لباطن الآية ومخالفة للسنة - بترك إجازة الشاهد واليمين، ولما جعل الله الشاهدين - مع علمه بأن أحدهما قد يموت قبل صاحبه ويبقيه - لم يجز أن يأمر بما في علمه أنه غير وثيقة، فلما علم الله عز وجل ذلك، وكانت اليمين للمدعى عليه إذا لم تكن بينة يدفع بها عن نفسه لقوته باليد المدعى عليه، كان المدّعي إذا مات أحد الشاهدين أقوى بالشاهد الواحد من المدعى عليه باليد؛ إذ كانت يده بياناً منه، وشهادة الشاهد بياناً للمدعي من غيره، فوجب بذلك أن تكون اليمين له، فيكون ما أمر الله به وثيقة صحيحة منا، إذا بطل بعضها لم يبطل المال ببعضها، كالرهن الذي جعله الله وثيقة متى تلف تلفاً ظاهراً كان المال ثابتاً على الغريم لا يزول بتلف الرهن، فيكون ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشاهد واليمين مستخرجاً من باطن الآية. (١)

٧. استنباطاته الدقيقة لبعض الأحكام الفقهية من آيات لا يتوقع أن يستخرج منها هذه الأحكام، ومن الأمثلة على ذلك: مسألة ذبح ما حقه النحر ونحر ما حقه الذبح أوردها عند قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (٢)، ومسألة الحجر على المرأة في مالها ونفسها لزوجها، أوردها عند قوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (٣)، ومسألة الخروج من صيام التطوع، وكذلك مسألة بيع الخيار أوردهما عند قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (٤).


(١) ص: ٤١٥، وانظر أيضاً ص: ٥٠٤، ٥٤٥، ٦١٥، ٦٥٦.
(٢) [سورة البقرة: الآية ٦٧] انظر من هذه الرسالة ص: ١٢١.
(٣) [سورة النساء: الآية ٣٤] انظر من هذه الرسالة ص: ٥٢٥.
(٤) [سورة المائدة: الآية ١] انظر من هذه الرسالة ص: ٦٠١.

<<  <   >  >>