للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفقرة الأولى: تفسير القرآن بالقرآن.]

من أسس منهج المؤلف اعتماده على ما ورد في القرآن الكريم ـ ذاته ـ من بيان معانيه، وتوضيح مراميه، نص على ذلك المنهج في مقدمته يقول: " فمنه ما يُعْقَلَ بنفس الخطاب، قال الله تعالى: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (١) ومنه ما بينه الله ـ عز وجل ـ بالوحي، وهو الخفي، ألا تراه يقول: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)} (٢) وقال: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (٣) فسأل نبيُنا - صلى الله عليه وسلم - ربَه ـ تبارك وتعالى ـ عن بيانه؛ فبيّنه له" (٤).

ولقد التزم المؤلف ما شرط على نفسه، فكان كثيرا ما يورد الآيات القرآنية الأخرى، في ثنايا تفسيره، وكلامه عن دلالات الآيات، واستنباط المعاني منها، وقد تعددت جوانبه ومناحيه، وتنوعت أسبابه ووسائله، ويمكن إجمالها في سبعة أمور:

[أولا: بيان معنى اللفظ القرآني.]

قد ترد لفظة في موضع لها نظائر أو وجوه، فيذكر ذلك ويوضحه بذكر الآيات الدالة على ذلك: مثل المراد بالأَشُد، قال: " وأما قوله: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فهو الحلم الذي قال الله: {إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (٥) فالابتلاء بعد البلوغ، والرشد يعرف حينئذ، فيدفع إليه ماله إذا بلغ أشده وهو الحلم: الإنزال، والإنبات، أو السن التي يكون بها البلوغ، وقد قال الله ـ عز وجل ـ في قصة موسى - عليه السلام -: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} (٦) قيل: أربعين سنة، وقال في قصة يوسف - عليه السلام -: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} (٧) وهذا فمعناه: لما بلغ الحلم؛ لأن المرأة أرادته عند بلوغ النكاح، وأمر اليتيم بأمر يوسف أشبه، ويكون أَشُدٌ دون أَشُدٍ .. " (٨).

ومن الأمثلة على الاستشهاد بالقرآن على بيان معنى لفظة أو كلمة، ما ذكره عند قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} (٩) قال: " والمعروف في اللغة: أن كل من جَارَ أو مَالَ عن الحق إلى الباطل؛ فقد ألحد، واللحد في القبر مأخوذ من هذه الآية، أميل إلى شق القبر، وقد ذكر الله ـ عز وجل ـ في كتابه ما يدل على هذا، قال الله ـ عز وجل ـ: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} (١٠) وقال: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (١١) " (١٢).


(١) سورة فصلت (٣ ـ ٤).
(٢) سورة القيامة (١٩).
(٣) سورة طه (١١٤).
(٤) مقدمة الكتاب اللوحة رقم (٢).
(٥) سورة النساء (٦).
(٦) سورة القصص (١٤).
(٧) سورة يوسف (٢٢).
(٨) ينظر من هذه الرسالة: سورة الإسراء الآية رقم (٣٤).
(٩) سورة الحج (٢٥).
(١٠) سورة الأعراف (١٨٠).
(١١) سورة النحل (١٠٣).
(١٢) ينظر من هذه الرسالة: سورة الحج الآية رقم (٢٥).

<<  <   >  >>