للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثاني: وجوب الرجوع إلى فهم السلف الصالح عند الاختلاف، فإن الاختلاف دائماً ليس في النصوص، وإنما في فهمها، ولذلك يقول المؤلف: ولم يزل أهل العلم على ذلك متبعين لسلفهم، حتى حدث في القرن الرابع من هذه الأمة ومن تلاهم قوم مستخفون بقول السلف، وله هاجرون، وعلى مذاهبهم زارون، يحدثون أنفسهم أن أسد الجواب ما استخرجوه، وأعلاه ما استنبطوه، أخذوا ذلك عن أهل الزيغ، لا يعرجون على الرواية، ولا يلتفتون إلى باطن التلاوة، ويرون أنهم يساوون السلف في العلم بالكتاب، طعناً بذلك على إخوان المصطفى الذين فارقهم على الصدق والوفاء، والطهارة والتقى، ولو أخذوا ذلك عمن شاهد الوحي ونزل القرآن بلغته لكانت هذه الطائفة قد سلكت سبيل الصواب، وصادفت سديد الجواب، ولعلِمتْ أن عقول من تقدمهم تربى على عقولهم، وأفهامهم تزيد على أفهامهم، ولكنهم لما خالطوا أهل الكلام وجانبوا الورع، وصار القصد الغلبة بالجدل المحض، منعهم الله التوفيق، وحاد بهم عن الطريق. (١)

[ثانياً: منهج المؤلف العام.]

بدأ المؤلف كتابه بمقدمة ذكر فيها أن تفسير القرآن منه ما يعرف ويعقل بنفس الخطاب، ومنه ما بينه الله عز وجل بآيات أخرى، ومنه ما بينه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومنه ما بينه الصحابة، بما أتوه من العلم، والمشاهدة، والفضل.

ثم ذكر أن من بعدهم صار على نهجهم، حتى حدث في بعض القرون المتأخرة من يستخف بقول السلف، ويرى تقديم قوله على قولهم، وفهمه على فهمهم.

ثم بين أنه اختصر كتابه هذا ليقرب من فهم المتعلم، وأنه لم يعد فيه من السنة، وقول السلف، وما توجبه اللغة العربية التي نزل القرآن بها.


(١) الموضع السابق.

<<  <   >  >>