للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكن تحديد نشأة هذا العلم من خلال مرحلتين:

[المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل ظهور المذاهب الفقهية.]

وتشتمل هذه المرحلة على عهد النبوة، وعهد الصحابة، وعهد التابعين. (١)

أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس بشيراً ونذيراً، فكان خاتم الرسل، وأنزل عليه كتابه فكان خاتم الكتب، وقد حوى هذا الكتاب من العقائد والأحكام والأخلاق ما فيه صلاح الناس في دينهم ودنياهم.

وقد كان مصدر التشريع في ذلك الوقت الكتاب والسنة، فكان الصحابة يفهمون ما تحمله الآيات من الأحكام الفقهية بمقتضى سليقتهم العربية، ولوضوح بعض الأحكام، وما أشكل عليهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه، باعتباره المبلغ عن الله، والمبين لهذا الكتاب.

وبعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتساع الفتوحات، واحتكاك المسلمين بغيرهم من الثقافات الأخرى، حدثت قضايا ومشاكل تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها، فكان الصحابة يرجعون في ذلك إلى ما عندهم من الكتاب والسنة، فإن لم يجدوا فيهما استشاروا أهل الرأي من فقهاء الصحابة، فإذا اجتمع رأيهم على شيء كان القضاء به، وذلك ما يسمى بالإجماع، فإن لم يتفقوا اجتهدوا وأعملوا الرأي على ضوء فهمهم للكتاب والسنة، يقول الشيخ مناع القطان - رحمه الله -: وباتساع الفتوحات الإسلامية تتجدد مشكلات الناس، وتجد أقضية لم تكن معهودة من قبل، وليس لها نص في كتاب أو سنة، وإذا كانت مدارك الصحابة ودرجاتهم في الفهم متفاوتة، فذلك من شأنه أن يوقع الاختلاف فيما بينهم، وهكذا كان موقفهم من القضايا الجديدة، فمنها ما اتفقوا فيه على رأي، ومنها ما اختلفوا فيه. (٢)


(١) انظر: تاريخ التشريع الإسلامي محمد الخضري: ٥، ٨٦، ١١٠، تاريخ الفقه الإسلامي محمد علي السايس: ١٢، ٣٦، ٥٩، التفسير والمفسرون للذهبي: ٢/ ٤١٤، التشريع والفقه الإسلامي لمناع القطان: ٢٧، ٩٥، ١٣٩، تفسير آيات الأحكام: ١/ ٢٦.
(٢) التشريع والفقه الإسلامي: ١٠٦.

<<  <   >  >>