مما هو جدير بلفت النظر إليه؛ أنه قد اجتمع لهذين العَلَمَين، قاسمان مشتركان، كان لهما أبلغ الأثر على كتابيهما، وبشكل رئيس في مجال الاختيار والترجيح، وهذان القاسمان هما:
أولا: اتحاد المذهب.
وهو أهم قاسم مشترك في هذين الكتابين، فكلاهما مالكي، ألفا الكتابين وقصدهما الاحتجاج بآيات القرآن على المذهب، وكشف مَنْزَع المذهب من تلك الآيات، والإجابة عن قول المخالف، فَهْمَا واستدلالا.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فاتحاد مذهبهما يقضي ـ ولا بد ـ باتحادهما في الأصول التي يعتمدونها في الفهم والاستنباط، والترجيح والاختيار، وهذه الأصول تفضي إلى تشابه النتائج أو تقاربها، وقد ظهر ذلك جليا في تشابه اختياراتهما، كما سيرد بإذن الله قريبا.
ثانيا: كتاب أحكام القرآن للقاضي إسماعيل.
وأمر آخر يشترك فيه أبو الفضل وأبو بكر، وهو تأثير كتاب أحكام القرآن للقاضي إسماعيل بن إسحاق، أما أثره في كتاب أبي الفضل فمن نافلة القول ذكره، فهو أصل الكتاب وأساس مادته.
وأما أثره على أبي بكر بن العربي، فيكفي فيه مقولته التي صدر بها كتابه، حيث أنزل كتاب القاضي إسماعيل منزلة كبيرة، وأثنى عليه ثناء لم يدانيه فيه غير تفسير شيخ المفسرين ابن جرير الطبري، قال في معرض الثناء عليه وعلى كتاب الطبري: " وأعظم من