للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المرحلة الثانية: الازدهار والتطور.]

وهذه المرحلة ازدهر فيها هذا الاتجاه في التفسير، وهي تمتد من الفترة ما بين منتصف القرن الثاني الهجري، إلى القرن السادس الهجري.

وفيها استقل الاتجاه الفقهي عن الاتجاه العام في التفسير، بحيث ظهرت كتب مفردة، يقتصر مؤلفوها على آيات الأحكام فقط، وإن ذكروا غيرها ذكروه تبعا لا قصدا، وأول الكتب التي استقلت ـ كما تنقله المصادر التاريخية ـ هو كتاب: تفسير الخمسمائة آية، تأليف: مقاتل بن سليمان الخراساني البلخي، المتوفي سنة ١٥٠ هـ، يقول د. علي العبيد عن هذا الكتاب: " ألف هذا الكتاب مقاتل بن سليمان الخراساني البلخي، في تفسير آيات الأحكام من كتاب الله، ويعتبر أقدم كتاب اطّلَعتُ عليه في تفسير آيات الأحكام من كتاب الله " (١).

والجدير ذكره ـ هنا ـ أن هذا الاتجاه الفقهي في التفسير، ازدهر وتطور بشكل كبير ـ ولا سيما ـ في القرن الثالث والرابع الهجريين، فهما أزهى عصور التأليف في أحكام القرآن وأَوْرَقِهَا، وذلك بعد أن استقرت أصول المذاهب الفقهية المشهورة، وتحررت قواعدها، وطرائق أخذها واستدلالها، وكان قصب السبق في ذلك لأتباع تلك المذهب من أهل العلم، حيث تناولوا آيات الأحكام بالتفسير والبيان، واحتجوا بها على صحة مذاهبهم، وكشفوا منازع أئمتهم منها، وأجابوا عن قول من خالفهم، فَهْمَا واستدلالا.

وإنه إن يكن الباعث لهم على ذلك نصرة مذهبهم؛ فلقد أفاد ذلك الحركة العلمية المتعلقة بالدراسات القرآنية، حيث أَثْرَوْها بكتب أصيلة في فنها، متينة في مضمونها، ولا أدل على ذلك؛ من أنك لا تكاد تجد كتابا في أحكام القرآن، أُلِف استقلالا، دون أن يكون صاحبه تابعا لمذهب فقهي، قاصدا التدليل عليه، ومبتغيا الاحتجاج له.


(١) تفاسير آيات الأحكام ومناهجها ص ٨١.

<<  <   >  >>