للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة القصص.]

قال الله عز وعلا: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} (١)

قال مجاهد: كان ناس من أهل الكتاب أسلموا، فكان المشركون يؤذونهم، فكانوا يصفحون عنهم ويقولون: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين (٢).

وكان سيبويه (٣) يقول: إن هذه للمتاركة، يقول الرجل للرجل: اذهب سلاما سلام، أي تاركني وأتاركك (٤).

فوضع هذا الكلام ـ والله أعلم ـ علامة للمتاركة، ألا ترى أن إبراهيم - عليه السلام - قال ذلك لأبيه حين قال: {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} (٥) {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ} (٦) فدل على المتاركة (٧).

وأما قوله: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} (٨) فقد قلنا في ذلك ما فيه


(١) سورة القصص (٥٥).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١٠/ ٨٥) وابن أبي حاتم (٩/ ٢٩٩٢).
(٣) هو: عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي، تقدم.
(٤) ينظر كلام سيبويه في: المحرر الوجيز لا بن عطية (٤/ ٢١٨) ولسان العرب مادة: سلم.
(٥) سورة مريم (٤٦).
(٦) سورة مريم (٤٧).
(٧) أراد المؤلف ـ رحمه الله ـ أن يقرر أن هذه الآية ليست دالة على مشروعية السلام على الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، وإنما السلام فيها من باب المتاركة، على حد ما نقله عن إمام النحو سيبويه، ثم استدل على صحة ما قرر؛ بذكر ما وقع لنبي الله إبراهيم وموسى ـ عليهما السلام ـ ولذا قال في آخر كلامه عن الآية: فالابتداء ـ أي بالسلام ـ مكروه، والرد لا بأس به، وهذا ـ أيضا ـ ما قرره ابن العربي في أحكام القرآن (٣/ ٥١٢)
(٨) سورة مريم (٤٧).

<<  <   >  >>