للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الأنعام]

قال الله عز وجل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (١).

أخبرنا (٢) أبو الفضل بكر بن محمد بن العلاء القشيري القاضي، قراءة عليه في منزله بمصر عام واحد (٣) وأربعين وثلاثمائة , وأنا أسمع قيل له: قلتَ رضي الله عنك: ذهب قوم إلى أن المسلم إذا ذبح ونسي أن يسمي لم تؤكل، وتأولوا هذه الآية، وهم نفر، ولم يتأملوا الآية إلى آخرها (٤)، وإنما المعنى والله أعلم: ولا تأكلوا مما لم يذبح بالملة *؛ لأن الله عز وجل قال: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (٥) فعلمنا أن المشركين لم يكونوا يجادلون المسلمين في مسلم ذبح ونسي أن يسمي؛ لأنهم كانوا يأكلون الميتة، لقول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ} (٦) وعلمنا أن من ذبح ونسي أن يسمي، وأكل، أنه ليس بفاسق ولا مشرك , فإذا كان هذا لا يتوهمه أحد فقد علمنا أن لهذه الآية تأويلاً غير ما تأوله من قدمنا ذكره.


(١) [سورة الأنعام: الآية ١٢١]
(٢) القائل: أبو بكر الأدفوي، كما ثبت سماعه في أول الكتاب.
(٣) في الأصل: إحدى، والصواب ما أثبت.
(٤) هذا يروى عن: ابن عمر، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وابن سيرين، والشعبي، ونافع مولى ابن عمر، وبهذا قال: أبو ثور، وأبو سليمان داود الظاهري وأصحابه، ورواية عن أحمد، واختاره من أصحابه أبو الخطاب.
[تفسير الطبري: ٨/ ١٩، الناسخ والمنسوخ للنحاس: ٢/ ٣٥٢، المحلى: ٧/ ٤١٤، تفسير ابن كثير: ٢/ ١٦٩، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي: ١٠/ ٤٠١].
* لوحة: ١٤٢/أ.
(٥) [سورة الأنعام: الآية ١٢١]
(٦) [سورة الأنعام: الآية ١٣٩]

<<  <   >  >>