للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أولاً: تعريف تفسير آيات الأحكام.]

لم أجد من عرفه من المتقدمين، مع ذكرهم له كنوع مستقل من أنواع علوم القرآن، بل حتى الذين صنفوا في أحكام القرآن لم يُعرفوه، ولعل هذا يرجع إلى التصاقه بالتفسير التصاقاً وثيقاً، حيث يعد نوعاً من أنواع التفسير، ومما يدل على ذلك أن الزركشي عندما عرف التفسير أدخل فيه تفسير آيات الأحكام، حيث قال: التفسير علم يُعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحِكمه. (١)

ومما يدل على ذلك أيضاً: أن كتب التفسير المطولة لا تخلو من الحديث عن أحكام القرآن، وما يتعلق بالآيات من الفقه، وكذلك الكتب التي أفردت أحكام القرآن بالذكر لا تخلو من شيء من التفسير.

ومع ذلك فقد تميزت الكتب التي أفردت أحكام القرآن عن كتب التفسير الأخرى ببسط المسائل الفقهية، وبيان وجه الاستشهاد بالآيات على هذه الأحكام، والرد على المخالفين، وبهذا أصبح علماً قائماً بذاته يحتاج إلى تعريف يوضح أطره ومدلوله، ولم أجد تعريفاً جامعاً سوى ما ذكره الدكتور علي بن سليمان العبيد، في كتابه (تفاسير آيات الأحكام ومناهجها) بقوله: تفسير الأحكام وآياته، أو تفسير الفقهاء، أو التفسير الفقهي كما يسميه البعض، نعني به إذا أطلق: التفسير الذي يجمع آيات الأحكام الشرعية من القرآن الكريم ويفسرها في كتاب مستقل. (٢)

[ثانياً: نشأته وتطوره]

سبقت الإشارة إلى الارتباط الوثيق بين التفسير وبين تفسير آيات الأحكام كنوع من أنواع التفسير، وعليه فإن نشأة التفسير عموماً، ونشأة تفسير آيات الأحكام خصوصاً لا تختلف اختلافاً كبيراً.


(١) البرهان: ١/ ١٠٤.
(٢) تفاسير آيات الأحكام ومنا هجها: ١/ ٢٥. وقد استفدت منها كثيراً في إعداد هذا التمهيد.

<<  <   >  >>