للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس: عقيدته.]

كان القاضي بكر على منهج أهل السنة والجماعة، متبعاً ما كان عليه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقد تلقى هذا من أشياخه وعلى رأسهم القاضي إسماعيل، يقول القاضي عياض: وكان إسماعيل شديداً على أهل البدع يرى استتابتهم، حتى ذُكر أنهم تحاموا بغداد في أيامه. (١)

ويمكن استنتاج معتقده إجمالاً من خلال كتابه هذا، وذلك في النقاط التالية:

١. افتتاح كتابه بذكر مجمل ما يعتقده من أن الخير كل الخير في اتباع سلف هذه الأمة، وراداً على من يرى أنه فوقهم علماً وتقوى.

حيث يقول: ولم يزل أهل العلم على ذلك متبعين لسلفهم، حتى حدث في القرن الرابع من هذه الأمة ومن تلاهم قوم مستخفون بقول السلف، وله هاجرون، وعلى مذاهبهم زارون، يحدثون أنفسهم أن أسد الجواب ما استخرجوه، وأعلاه ما استنبطوه، أخذوا ذلك عن أهل الزيغ، لا يعرجون على الرواية، ولا يلتفتون إلى باطن التلاوة، ويرون أنهم يساوون السلف في العلم بالكتاب، طعناً بذلك على إخوان المصطفى الذين فارقهم على الصدق والوفاء، والطهارة والتقى، ولو أخذوا ذلك عمن شاهد الوحي ونزل القرآن بلغته لكانت هذه الطائفة قد سلكت سبيل الصواب، وصادفت سديد الجواب، ولعلِمتْ أن عقول من تقدمهم تربى على عقولهم، وأفهامهم تزيد على أفهامهم، ولكنهم لما خالطوا أهل الكلام وجانبوا الورع، وصار القصد الغلبة بالجدل المحض، منعهم الله التوفيق، وحاد بهم عن الطريق.

ثم قال: وكفى برجل نقصاً أن يرى أنه قد علم من كتاب الله عز وجل ما قصر عن علمه الصحابة والتابعون، أويرى أنه فوقهم علماً وفهماً، أويظن أنه مثلهم، لقد خاب وخسر. (٢)

٢. موقفه الجلي الواضح من أصحاب الأهواء والبدع عموماً، ومن الخوارج خصوصاً، حيث يقول: والقرآن يدل على أن كل من ابتدع في الدين بدعة فهو من الخوارج؛ لأنهم إذا ابتدعوا تجادلوا وتفرقوا، فكانوا شيعاً، فمن قدر منهم على الخروج خرج، ومن عجر فسيفه في قلبه، والله بمنه يقمعه. (٣)


(١) ترتيب المدارك: ٤/ ٢٩٠.
(٢) انظر من هذه الرسالة ص: ١٠٩.
(٣) ص: ٧٣٨، وانظر ص: ١١٠، ٤٢٤.

<<  <   >  >>