للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما نشأته فالذي يظهر أنه قد نشأ من صغره في طلب العلم، والجلوس إلى العلماء، والأخذ عنهم، ويدل على هذا أنه حدث في مقتبل عمره، حيث حدث عن القاضي إسماعيل (ت ٢٨٢ هـ)، وسمع من زياد بن الخليل التستري (ت ٢٩٠ هـ)، وأبي مسلم الكجي (ت ٢٩٢ هـ).

[المطلب الثالث: مكانته العلمية]

يعد القاضي بكر بن العلاء من الأعلام البارزين الذين تبؤوا مكانة عالية في العلم، ومما يؤكد هذا:

١. كونه أحد فقهاء المدرسة المالكية العراقية، الذين أسهموا في نشأتها، وحفظ تراثها من خلال ما صنفه من مصنفات، حيث أورد في كتبه كثيراً من تراث تلك المدرسة، وكان له مساهمة في نشر تراث تلك المدرسة خارج العراق، فقد جلس للتدريس في مصر بعد انتقاله إليها، كما حدث بكتابه هذا فيها، فكان حلقة وصل بين المدرسة المالكية العراقية وغيرها من المدارس.

٢. تنوع التصنيف عنده، حيث ألف في علوم شتى، ومجالات مختلفة، مما يدل على سعة علمه واطلاعه.

٣. تنوع مصادر التلقي عنده، فسمع الفقه من كبار أئمة المالكية في وقته، حيث سمع من القاضي إسماعيل، وكبار أصحاب القاضي إسماعيل، وسمع الحديث من أئمة كبار، يقول الدكتور محمد العلمي: وكما كانت للقشيري تلمذة فقهية كان أيضاً متردداً على حلقات المحدثين، وآخذاً عن أئمتها، نقاداً، وحفاظاً، ومصنفين، فكان هذا التكوين السبب الطبيعي لتبريز الرجل في الفقه والحديث والأصول. (١)

٤. كثرة من حدث عنه، يقول القاضي عياض: حدث عنه من لا ينعد من المصريين والأندلسيين والقرويين وغيرهم. (٢)

٥. شهادة أهل العلم بعلو مكانته، يقول الفرغاني: كان بكر من كبار الفقهاء المالكيين بمصر، وتقلد أعمالاً للقضاة، وكان راوية للحديث عالماً به. (٣)


(١) المدرسة البغدادية للمذهب المالكي: ١٤٨.
(٢) ترتيب المدارك: ٥/ ٢٧١.
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>