للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ومن سورة الأنبياء عليهم السلام.]

قال الله تبارك وتعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} إلى قوله: {حُكْمًا وَعِلْمًا} (١).

قال أبو حنيفة (٢) وصاحباه: ليس في هذه الآية ضمان، وإنما هذا حكم في أمة قبلنا، فأما الحكم في هذه الأمة فما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (العجماء جُبَار) (٣) فأخطأوا ما أُريد بالعجماء، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (العجماء جرحها جُبَار، والمعدن جُبَار) وفي بعض الحديث: (العجماء الرِجْل جُبَار) (٤) أي: إذا أصابت الدابة برجلها (٥) فعلم أن ذلك بعضه من بعض، وليس الحرث وإفساده من هذا الباب في شيء، لأن الحرث كل


(١) سورة الأنبياء (٧٨ ـ ٧٩).
(٢) هو: النعمان بن ثابت، أبو حنيفة التيمي مولاهم، ويقال أنه من أبناء فارس، قال عنه الشافعي: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة. توفي ببغداد سنة ١٥٠ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ١٥٨) وتهذيب التهذيب (٥/ ٦١١).
(٣) جزء من حديث أخرجه البخاري [٢٩٩ كتاب الزكاة، باب في الركاز الخمس] ومسلم [٣/ ١٠٧٧ كتاب الحدود] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
ينظر قول أبي حنيفة وصاحبيه ـ رحمهم الله ـ في: شرح معاني الآثار (٣/ ٢٠٤) المبسوط (٢٤/ ١٨٨).
(٤) زيادة: (الرجل جبار) جاءت في بعض طرق الحديث، حيث أخرجها أبو داود [٥/ ٢٠٠ كتاب الديات، باب في الدابة تنفح برجلها] والنسائي في الكبرى [٣/ ٤١٢ كتاب العارية، باب في الدابة تصيب برجلها] والدارقطني [٣/ ٩٦ كتاب الحدود والديات] والبيهقي [٨/ ٣٤٣ أبواب الحدود والكفارات، باب الضمان على البهائم] قال الدارقطني: "لم يُتَابع سفيان بن حسين على قوله: (الرجل جبار) وهو وهم؛ لأن الثقات الذين قدمنا أحاديثهم خالفوه، ولم يذكروا ذلك " وقال ابن حجر في الفتح (١٢/ ٢٦٧): " قد اتفق الحفاظ على تغليط سفيان بن حسين، حيث روى عن الزهري في حديث الباب: الرجل جبار ".
(٥) لوحة رقم [٢/ ١٨٣].

<<  <   >  >>