للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة المجادلة.]

قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى قوله سبحانه: {وَإِن اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (١).

أعلمنا الله تبارك وتعالى أن الذين قالوا هذا القول، قالوا منكرا من القول وزورا؛ لأنهم صيروا أزواجهم كأمهاتهم، وهن لا يَصِرن كأمهاتِهِم، ولا كذي أرحامِهِم أبدا؛ لأنهن لا يحللن له أبدا، والأجنبيات (٢) ليس كذلك، وكان من طلاق الجاهلية (٣)، فأخرجه الله تبارك وتعالى من باب الطلاق إلى باب الكفارات، ثم أعلمنا كيف الحكم على الناس كلهم إذا قالوا هذا القول، فقال عز من قائل: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (٤) الآية وما بعدها.

وقد رويت أخبار فيمن تظاهر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان ظاهر بعض ذلك يدل على أنهم فعلوا ذلك قبل نزول القرآن، وكان ظاهر بعضها يمكن يكون ذلك منهم قبل نزول القرآن، ويمكن أن يكون بعده.

وقد روى عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ? تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها، إن المرأة لتناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسمع بعض كلامها ويخفى علي بعضه، إذ أنزل الله تبارك


(١) سورة المجادلة (١ ـ ٢).
(٢) لوحة رقم [٢/ ٢٦٢].
(٣) يدل على هذا ما أخرج الطبري في تفسيره (١٢/ ٧) والطبراني في الكبير (١١/ ٢٦٥) عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: كان ظهار الجاهلية طلاقا.
وأخرجه عبد الرزاق [٦/ ٤٢٢ كتاب الطلاق، باب كيف الظهار] عن طاوس.
وأخرجه البيهقي [٣/ ٣٨٣ كتاب الظهار، باب سبب نزول آية الظهار] عن مقاتل.
(٤) سورة المجادلة (٣).

<<  <   >  >>