وخلَّفوا ـ رحمهم الله وأجزل مثوبتهم ـ تراثا ضخما، يشي بمبلغ عنايتهم بكتاب ربهم، وعظيم قيامهم به، ويشهد لهم بسبقهم وتقدمهم على من جاء بعدهم.
وإن من بعض حقهم علينا، اعترافا بالفضل لأهله، والسبق لمن تقدم، أن نعتني بتراثهم، خدمة له، وعناية به، حتى يظهر في أبهى حلة، وأكمل صورة.
وكتاب أحكام القرآن، لأبي الفضل القشيري المالكي، المتوفى سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، بقية من ذلك التراث وقبس من ضيائه، اختصره مؤلفه من كتاب كبير ضخم في أحكام القرآن ألفه القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي، المتوفى سنة اثنين وثمانين ومئتين للهجرة.
وقد منَّ الله ـ بفضله وكرمه ـ عليّ فوفقني لاختياره موضوعا، أتقدم به لقسم القرآن وعلومه، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لنيل درجة الدكتوراه، تحت عنوان:
أحكام القرآن
للقاضي أبي الفضل بكر بن محمد القشيري ت: ٣٤٤ هـ
دراسة وتحقيقا: من أول سورة الأنفال إلى آخر الكتاب.
وقد اخترت أن يكون لي شرف الإسهام في تحقيق هذا الكتاب؛ لما يتميز به من أهمية، وقيمة علمية خاصة، أُبينها في الفقرة الآتية.