للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكفرهم يفترق على ضروب: فالنصارى (١) جنس وهم كفرة ومن تولاهم، فمن لم يلزمه اسم الإيمان فهو منهم، وكذلك اليهود (٢)، وكذلك المجوس (٣)، والصابئون (٤) كلهم كافر، وكل له مذهب في كفره.

وأما قول الله ـ عز وجل ـ: {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} (٥) فهم العرب الذين لا يقبل منهم الجزية ليس فيهم غير القتل أو الإسلام (٦)، إلا من دخل منهم في الملل المأمور بأخذ الجزية


(١) النصارى: نسبة إلى مدينة: ناصرة، أو: نصرانة، وهي قرية المسيح - عليه السلام -، وهم المنتسبون إلى الديانة المسيحية التي أنزلت على عيسى - عليه السلام -، وكتابهم الإنجيل. ينظر: الملل والنحل (١/ ٢٦٠).
(٢) اليهود: نسبة إلى دولة يهوذا التي كانت في فلسطين بعد سليمان - عليه السلام -، وقيل: يهوذا أحد أسباط بني إسرائيل، وهم أتباع الديانة اليهودية التي أنزلت على موسى - عليه السلام -، وكتابهم التوراة. ينظر: الملل والنحل (١/ ٢٥٠).
(٣) المجوس: قوم يعبدون النور والظلمة، ويزعمون أن للكون إلهين، وهم في بلاد فارس وبعض ما جاورها، وقد قضى الإسلام على هذه النحلة ظاهراً وإن بقيت لها آثار في بعض الطوائف. ينظر: الملل والنحل (١/ ٢٧٨).
(٤) الصابئون: اختلف في حقيقة هذه الملة، فقيل: هم قوم يعبدون الكواكب والملائكة، وقيل: هم قوم لا دين لهم إنما بقوا على فطرتهم، وقال ابن تيمية: " إن الصابئة نوعان: صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، فالأولون هم الذين أثنى الله عليهم، بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: ٦٢).
ينظر: الملل والنحل (٢/ ٧٠) الر د على المنطقيين (٢٨٨) وتفسير ابن كثير (١/ ١٥٦).
(٥) سورة الحج (١٧).
(٦) ما ذهب إليه المؤلف هو قول الأحناف، والشافعية، والحنابلة، وابن الماجشون وابن وهب من أصحاب مالك.
واختلف المالكية في تحرير قول الإمام مالك، فقيل عنه: إنها تؤخذ من مشركي العرب عبدة الأوثان إلا كفار قريش، وقيل عنه: حتى مشركي قريش، قال في مواهب الجليل (٣/ ٥٩٣): " ... المشهور من المذهب أن الجزية تؤخذ من كل كافر صح سِبَاؤه، ولا يخرج من ذلك إلا المرتد، قال في التوضيح: وعلى هذا الظاهر مشاه ابن رشد، وابن عبد السلام، وذكر المازري أنه ظاهر المذهب، كما شهره المصنف، قال: وحكى المصنفون في الخلاف من أصحابنا وغيرهم؛ أن مذهب مالك: أنها تقبل إلا من كفار قريش " وقال في المنتقى شرح الموطأ (٢/ ١٧٣): " وأما عبدة الأوثان وغيرهم، ممن ليس بأهل كتاب، فإنهم يقرون على الجزية، هذا ظاهر مذهب مالك، وقال عنه القاضي أبو الحسن: يقرون على الجزية إلا قريشا " وصحح ابن العربي المشهور من مذهب المالكية القاضي بأخذها من كل كافر.
ينظر: المدونة (٣/ ٤٦) وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ١٥٦) والمغني لابن قدامة (٨/ ٥٠٠) وشرح فتح القدير ابن الهمام (٦/ ٤٦) ونهاية المحتاج للرملي (٨/ ٨٨).

<<  <   >  >>