للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فهو الحلم الذي قال الله: {إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (١) فالابتلاء بعد البلوغ، والرشد يعرف حينئذ، فيدفع إليه ماله إذا بلغ أشده وهو الحلم: الإنزال، والإنبات، أو السن التي يكون بها البلوغ، وقد قال الله عز وجل في قصة موسى - عليه السلام -: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} (٢) قيل: أربعين سنة (٣)، وقال في قصة يوسف - عليه السلام -: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} (٤) وهذا فمعناه: لما بلغ الحلم؛ لأن المرأة أرادته عند بلوغ النكاح، وأمر اليتيم بأمر يوسف أشبه، ويكون أَشُدٌ دون أَشُدٍ، وقال سيبويه (٥): (٦) واحد الأَشُد شِدّة، ونظير ذلك نِعْمَة وأَنْعُم.

قال الله تبارك اسمه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} (٧)

دلوك الشمس ميلها وهو زوالها عن البرج الذي تعلو إليه في كل يوم، فإذا زالت إلى الانحطاط والنزول وجبت صلاة الظهر، وكان أول وقتها.


(١) سورة النساء (٦).
(٢) سورة القصص (١٤).
(٣) هو قول مجاهد وقتادة، أخرجه الطبري في تفسيره (٣/ ٤٠).
(٤) سورة يوسف (٢٢).
(٥) هو: عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر النحوي البصري، المعروف بسيبويه، لقب بذلك لأن وجنتيه كانت كأنهما تفاحة، كان مولى لبني الحارث بن كعب، أخذ النحو عن الخليل وبرز فيه حتى صار إمامه، مات بشيراز سنة ١٨٠ هـ. ينظر: معجم الأدباء (٤/ ٤٩٩) وسير أعلام النبلاء (٨/ ٣٥١).
(٦) لوحة رقم [٢/ ١٧٩].
(٧) سورة الإسراء (٧٨).

<<  <   >  >>