(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٢/ ٣٦) بمعناه. (٣) سورة التوبة (٥). (٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٩٨) وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٣٠٦٨). (٥) ذهب بعض المفسرين إلى أن أية السيف في التوبة قد نسخت كثيرا من الآيات التي فيها أمر بالصبر والعفو عن المشركين والصفح عن أذاهم ونحو ذلك، فقال بعضهم: إنها نسخت أكثر من مائة وأربع وعشرين آية، وابن حزم في كتابه الناسخ والمنسوخ أكثر من ذلك، حتى قال ص ١٩: " اعلم أن نزول المنسوخ بمكة كثير، ونزول الناسخ بالمدينة كثير " ثم ألف ابن الجوزي كتابه المصفى من علم الناسخ والمنسوخ فتتبع هذه المواضع وأجاب عن أكثرها. ينظر ـ كذلك ـ ما ذكره هبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ ص ١٤١. والقائلون بهذا إن أرادوا ما اشتهر عند السلف من إطلاق النسخ على التخصيص والتقييد وبيان المجمل؛ فلا إشكال، وإن أرادوا به ما اصطلح عليه أهل العلم من إبطال النص الشرعي وترك العمل به، فكلامهم غير صحيح، لأن تلك الآيات ـ ومنها هذه الآية التي تكلم عنها المؤلف رحمه الله ـ يمكن حملها على اختلاف الأحوال، فتكون من باب التخصيص أو التقييد أو البيان ونحو ذلك، قال الطبري في تفسيره (١٠/ ١٥٠): " وأولى هذه الأقوال بالصواب؛ قول من قال: عنى بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} إلا الذين امتنعوا من أداء الجزية ونصبوا دونها الحرب، فإن قال قائل: أو غير ظالم من أهل الكتاب إلا من لم يؤد الجزية؟ قيل: إن جميعهم وإن كانوا لأنفسهم بكفرهم بالله وتكذيبهم رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - ظلمة، فإنه لم يعن بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} ظلم أنفسهم، وإنما عنى به إلا الذين ظلموا منهم أهل الإيمان بالله ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن أولئك جادلوهم بالقتال، وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال فيه بالصواب؛ لأن الله ـ تعالى ذكره ـ أذن للمؤمنين بجدال ظلمة أهل الكتاب بغير الذي هو أحسن، بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} فمعلوم إذ كان قد أذن لهم في جدالهم، أن الذين لم يؤذن لهم في جدالهم إلا بالتي هي أحسن، غير الذين أذن لهم بذلك فيهم، وأنهم غير المؤمن؛ لأن المؤمن منهم غير جائز جداله إلا في غير الحق؛ لأنه إذا جاء بغير الحق فقد صار في معنى الظلمة في الذي خالف فيه الحق، فإذ كان ذلك كذلك تبين أن لا معنى لقول من قال ... نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، وزعم أنها منسوخة؛ لأنه لا خبر بذلك يقطع العذر، ولا دلالة على صحته من فطرة عقل، وقد بينا في غير موضع من كتابنا؛ أنه لا يجوز أن يحكم على حكم الله في كتابه بأنه منسوخ، إلا بحجة يجب التسليم لها؛ من خبر، أو عقل".