للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما التبرج: فإن النساء كن يخرجن يتبخترن بين الرجال في مشيتهن وحركاتهن، فنهي نساء المؤمنين عن ذلك، وبُدِئ بأزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نزول الحجاب؛ لأن التبختر من المرأة يحرك قلوب الرجال، ثم صانهن الله بعد ذلك، فأنزل الحجاب وجعلهن أمهات المؤمنين، تعظيما له وإيجابا لحقهن على المؤمنين، كإيجاب حقوق الأمهات، وحرمهن على المؤمنين كتحريم الأمهات، فحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كحق الآباء، وحقهن كحق الأمهات، وزاد الله تبارك وتعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - الرأفة بهم والرحمة، فزاد في حقه وواجباته، لقوله سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (١)

قال الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ (٢) لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٣).

خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش (٤) ـ وأمها عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ وكان يريدها لزيد بن حارثة، فظنت أنه يريدها لنفسه، فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت، فأنزل الله هذه الآية، فرضيت وسلمت (٥).


(١) سورة التوبة (١٢٨)
(٢) لوحة رقم [٢/ ٢٣٣].
(٣) سورة الأحزاب (٣٦)
(٤) هي: زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر الأسدية، أسلمت وهاجرت، زوجها الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن طلقها زيد بن حارثة، وكانت عابدة كثيرة الصدقة. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ٢٩٥) والإصابة (٨/ ١٤٥).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ١١٧) والطبراني في الكبير (٢٤/ ٤٥) عن قتادة، به.

<<  <   >  >>