للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد السفر واحتاج إلى أن يسافر معه ببعضهن، جعل الحكم فيهن القرعة ليزيل عن قلوبهن الانحراف عن بعضهن إلى بعض، ويُطّيب بذلك أنفسهن، فكذلك ينبغي لكل من أراد أن يسافر بامرأة وله أربع أو دونهن، أقرع ليزيل الغم عن قلوبهن، إذ لا واجب عليه لواحدة منهن ولا لهن مقال عند سفره، وإنما القسم شيء يلزمه في الحضر دون سفره، وكان له أن يخرج أيتهن شاء ولكنه أراد أن يطيب أنفسهن.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - للرجلين في الميراث: ? تواخيا واستهما? (١) فإن هذه هي القسمة التي تكون بين الشركاء، فعليهم أن يعدلوا ذلك بالقيمة ثم يستهموا فيكون لكل واحد منهم ما وقع له بالقرعة، ويجتمع لكل واحد منهم ما وقع له بالقرعة، ويجتمع لكل واحد منهم ما كان له في الملك مشاعا فيصير في موضع بعينه، إلا أن تكون الأملاك متباينة فيقسم لكل واحد منهم بقدر حصته، حتى يكون لكل واحد منهم من الجيد والرديء بقدر نصيبه.

وأما ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في القرعة بين الأعبد الستة الذين أعتقهم الرجل في مرضه (٢)، فإن ذلك ـ والله أعلم ـ من نحو القسمة التي وصفناها؛ لأنه أعتق فتعدى فيما فعل، فلما مات رد فعله إلى الثلث الذي يجب له وقسم الرقيق (٣) بينه وبين ورثته، فما


(١) جزء من حديث أخرجه أحمد (٦/ ٣٢٠) وأبو داود [كتاب الأقضية، باب في قضاء القاضي إذا أخطأ] وابن الجارود (١/ ٢٥٠) والحاكم [٤/ ١٠٧ كتاب الأحكام] وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، عن أم سلمة.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٤٣٨) وأبو داود [٣/ ٤١٤ كتاب العتق، باب فيمن أعتق عبيدا له] والترمذي [٣/ ٧٩ كتاب، باب جاء فيمن يعتق مماليكه] وصححه، وأخرجه النسائي في الكبرى [٣/ ١٨٧ كتاب العتق، العتق في المرض] من حديث عمران بن حصين
(٣) لوحة رقم [٢/ ٢٤١].

<<  <   >  >>