للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الحادثة تدل ـ أيضا ـ على أن أبا الفضل القشيري ولد في البصرة، أو على الأقل نشأ فيها منذ صغره، فإن سهل بن عبد الله التستري، كان مقامه بالبصرة وبها توفي سنة ٢٨٣ هـ.

ومن غلبة الظن أن أبا الفضل عاش جُل حياته ـ أيضا ـ بالبصرة، فإن سماعه من القاضي إسماعيل بن إسحاق (ت: ٢٨٢) كان في أول نشأته، ربما كان في أواخر العقد الثاني، أو أول العقد الثالث من عمره، وسمع ـ أيضا ـ من كبار تلاميذ القاضي إسماعيل، وكلهم بصريون، وهذا مما يرجح أنه عاش أكثر حياته بالبصرة.

ومن سماعه للقاضي ندرك أن أبا الفضل طلب العلم مُذْ كان صغيرا، فإن سماعه من القاضي إسماعيل كان في آواخر العقد الثاني تقريبا.

على أن أبا الفضل وإن يكن نشأ بالبصرة وعاش بها، فقد شاء الله ـ تعالى ـ له أن ينتقل إلى مصر قبل الثلاثين وثلاثمائة، ليعيش أواخر حياته فيها، وليتبوأ فيها مكانة مرموقة، بعد أن ذاع صيته، وعرفت مكانته، قال القاضي عياض: " وخرج من العراق لأمر اضطره، فنزل مصر قبل الثلاثين والثلاثمائة، وأدرك فيها رئاسة عظيمة " (١).

وهذا النص الذي ذكره ابن فرحون، وإن كان أشار إلى أن خروج أبي الفضل لم يكن رغبة عن البصرة، بل كان لأمر اضطره إلى هذا، فإنه لم يذكر لنا هذا الذي اضطره إلى الخروج أي شيء كان.

أما المناصب التي تقلدها فقد اشتهر أنه ولي القضاء ببعض نواحي العراق (٢)، وقد اشتهر بذلك حتى كان لقب القاضي قرين اسمه.

وأما قول الشعر فلم يعرف عنه، إلا أن ابن عيشون قال: " وأنشدنا بكر بن العلاء:

ومن شيمتي ألا أفارق صاحبا نقل ... على حالة إلا سألت له رشدا

فإن عاد بي ودي رجعت ولم أكن ... كآخر لا يرعى ذماما ولا عهدا (٣)

هذه بعض الومضات من نشأة الإمام أبي الفضل القشيري، لم تسعف المصادر التاريخية ـ التي وقفت عليها ـ بأكثر منها.


(١) ترتيب المدارك (٥/ ٢٧١).
ينظر كذلك: الوافي بالوفيات (١٠/ ١٣٦) والديباج المذهب ص ١٠٠.
(٢) ينظر: ترتيب المدارك (٥/ ٢٧١)، وكذلك: الوافي بالوفيات (١٠/ ١٣٦) والديباج المذهب ص ١٠٠.
(٣) ترتيب المدارك (٥/ ٢٧١).

<<  <   >  >>