للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال زيد بن أسلم: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يمنع أحدا مناجاته، فكان الشيطان يأتي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول لهم: فلان ناجى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن جموعا كثيرة تجمعت لقتالكم (١).

وكان المنافقون يقولون: إنما محمد أذن يسمع من كل أحد يناجيه، وكان ذلك يشق على المؤمنين ويحزنهم، فأنزل الله عز وجل: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} (٢) يقول يصدقهم، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (٣) فلم ينتهوا، فأنزل الله تبارك وتعالى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} لينتهي أهل الباطل عن مناجاته، وعرف الله عز وجل أن أهل الباطل لا يقدمون بين يدي نجواكم (٤) صدقة، فانتهى أهل الباطل عن النجوى، واشتد ذلك على أهل الإيمان والحق وامتنعوا من النجوى؛ لأن فيهم من لا يستطيع أن يقدم صدقة، فأنزل الله عز وجل: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} (٥) (٦) قال: ثم خفف الله عنهم فقال: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية (٧).


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ١٦) بنحوه، لكن جعله من قول ابن زيد.
(٢) سورة التوبة (٦١).
(٣) سورة المجادلة (٩ ـ ١٠).
(٤) كذا في الأصل، ومقتضى السياق: نجواهم.
(٥) سورة المجادلة (١٣ ـ ١٤).
(٦) لوحة رقم [٢/ ٢٧٠].
(٧) سورة المجادلة (١٣).

<<  <   >  >>