للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أنه كان مالكي المذهب، وفي هذا السبيل نقل ابن فرحون أن أبا القاسم الشافعي عزاه " في شيوخ المالكيين الذين لقيهم وانتمى إليهم" (١).

والثاني: أنه بصري المنزل والمحل (٢).

وهذان الأمران يكشفان عن مذهبه الفقهي بجلاء: فهو مالكي المذهب، على طريقة المدرسة المالكية بالعرق، وقد تقدم الحديث عن مدارس المذهب المالكي في المبحث السابق.

ومن الغريب اللافت للنظر ـ حقا ـ أن أبا الفضل نُسب إليه القول بغلق باب الاجتهاد بعد المائتين، إذ نقل ذلك الإمام ابن حزم، فقال في الإحكام: "وكقول بكر بن العلاء القشيري المالكي: إن بعد سنة مائتين قد استقر الأمر، وليس لأحد أن يختار " (٣) ونحو ذلك نقل عنه ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين، ونصه: " وقال بكر بن العلاء القشيري المالكي: ليس لأحد أن يختار بعد المائتين من الهجرة " (٤)، وغرابة هذا الرأي والمسلك، من وجهين:

الأول: أنه لا ينسجم مع البيئة العلمية التي عاش ونشأ فيها أبو الفضل، فقد كانت بيئة العراق الفقهية والعلمية، تتمتع بقدر كبير من اعتبار الرأي، والنظر والتحليل والمقايسات، وشيخه القاضي إسماعيل أحد أشهر رموز المدرسة المالكية بالعراق، قد أخذ بكثير من هذه السمات، التي ميزت المدرسة العراقية عن سائر المدارس المالكية الأخرى، وقد تقدم في المبحث السابق الإلمام بطرف من هذا المعنى.


(١) الديباج المذهب ص ١٠٠.
(٢) ينظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض (٥/ ٢٧٠) والوافي بالوفيات (١٠/ ١٣٦) والعبر في خبر من غبر (٢/ ٢٦٩) وسير أعلام النبلاء (١٥/ ٥٣٧) والديباج المذهب ص ١٠٠، ومرآة الجنان (٢/ ٣٣٦) وشذرات الذهب (٢/ ٢٦٦) وشجرة النور الزكية ص ٧٩.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٦٠٤).
(٤) أعلام الموقعين عن رب العالمين (٢/ ١٩٦) وانظر كذلك: إرشاد النقاد للصنعاني ص ٢٧.

<<  <   >  >>