للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجاء أبو سلمة بالحديث ملخصا مشروحا، فدل على أن السكنى واجبة؛ لأن أمر رسول - صلى الله عليه وسلم - لها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم إيجاب السكنى، وإنما نقلها عن منزل زوجها لما كان يجري بينها وبين أهله من الخصومات والسباب؛ لأن المعتدة من وفاة أو طلاق إذا حدث في الموضع الذي يسكنونه حدث يحوجها إلى الخروج منه خرجت، واعتدت في موضع غيره، وأقامت إلى أن تنقضي عدتها، مثل أن يكون المنزل ليس للزوج فيخرجها المالك، ومثل أن يكون مَخُوْفَا وما أشبه ذلك، وقد علمنا ما كان يجري بين فاطمة وبين زوجها وقراباته، وقالت عائشة رضي الله عنها في ذلك ما قالت لفاطمة بنت قيس: اتقي الله يا فاطمة، فقد عرفت في أي شيء كان ذلك (١)، لما ذكرت أنها لم يجعل لها سكنى.

وروى مالك، عن يحي بن سعيد، عن القاسم بن محمد، وسليمان بن يسار، أن يحي بن سعيد بن العاص (٢)، طلق ابنة عبد الرحمن بن الحكم (٣) ألبتة، فانتقلها عبد الرحمن، فوجهت عائشة إلى مروان (٤) وهو أمير المدينة: اتق الله يا مروان، واردد المرأة إلى بيتها، فقال: مروان أما بلغك شأن فاطمة بنت قيس قالت: عائشة لا يضرك ألا


(١) أخرجه البخاري [٥٠١٦ باب قوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة أشهر] بنحوه.
(٢) هو: يحيى بن سعيد بن العاص بن أمية، وثقه النسائي وابن حبان، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، توفي في خلافة عبد الملك بعد مقتل ابن الزبير. ينظر: طبقات ابن سعد (٦/ ١٢٣) وتهذيب التهذيب (٦/ ١٣٤).
(٣) هو: عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي، ذكره ابن حجر وغيره في ترجمة والده الحكم بن أبي العاص، وهو أخو الأمير مروان بن الحكم. ينظر: الإصابة (٢/ ٩١).
(٤) هو: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي، لم يجزم بصحبته، كاتب عثمان - رضي الله عنه -، ولي إمرة المدينة أيام معاوية، ثم بويع له بالخلافة بعد معاوية بن يزيد، توفي سنة ٦٥ هـ ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ١٩) والإصابة (٦/ ٦٥).

<<  <   >  >>