للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن شبرمة (١) عن الحسن {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} علم أن لن تطيقوه (٢).

وقال القُطَعي (٣) سمعنا الحسن يقول: لا بد من قيام الليل ولو قدر حلب شاة، وقال محمد بن سيرين مثله (٤)، قال إسماعيل (٥): أحسبهما قالا كذلك لقول الله عز وجل: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}.

وقد زعم أبو حنيفة وأصحابه بهذه الآية {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} أن ذلك يجرى في صلاة الفرض (٦)، وذهب عنهم ما أنزلت فيه الآية، وأنه في النوافل تخفيفا، يراد ما تيسر من سائر القرآن مع أم الكتاب، وخالفوا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ? كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خِدَاج? (٧) وقوله - عليه السلام -: ? من لم يقرأ بأم الكتاب ـ يريد المنفرد ـ فلا صلاة له? (٨) ووضعوا الآية في غير موضعها وخالفوا المفسرين جميعا، وتفردوا بقول لم يقله أحد.


(١) هو: عبد الله بن شبرمة، تقدم.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ٢٩٣) من طريق عباد بن راشد عن الحسن، به.
(٣) هو: حزم بن أبي حزم مهران القطعي، أبو عبد الله البصري، قال أبو حاتم: صدوق لا بأس به، هو من ثقات من بقي من أصحاب الحسن، أخرج له البخاري في الصحيح حديثا واحدا، توفي سنة ١٧٥ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ١٤٤) وتهذيب التهذيب (٢/ ٥٢٩).
(٤) أخرجه عنهما ابن أبي شيبة [٢/ ٧٢ كتاب الصلاة، من كان يأمر بقيام الليل] به.
علق ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٨٩) على هذا القول بقوله: " والعلماء على خلافه، كلهم يقولون: إنه فضيلة لا فريضة، ولو كان قيام الليل فرضا؛ لكان مقدرا مؤقتا معلوما، كسائر الفرائض ".
(٥) هو: ابن إسحاق القاضي.
(٦) يشير المؤلف ـ رحمه الله ـ إلى الخلاف المشهور بين أئمة المذاهب في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة، حيث ذهب الأحناف ـ مستدلين بهذه الآية ـ إلى أن قراءة الفاتحة ليست فرضا على التعيين، ويجزئ عنها ما تيسر من القرآن سواها، قال في المبسوط (١/ ١٩): " قراءة الفاتحة لا تتعين ركنا في الصلاة عندنا ".
ينظر ـ أيضا ـ: بدائع الصنائع (١/ ١١١) وتبين الحقائق (١/ ١٠٥).
(٧) أخرجه ابن ماجه [٨٤٠ كتاب إقامة الصلاة والسنن فيها، باب القراءة خلف الإمام] عن عائشة رضي الله عنها، به.
وأخرجه البيهقي [٢/ ٣٨ كتاب الصلاة، باب تعيين القراءة بفاتحة الكتاب] عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، به.
وهو عند مسلم [١/ ٢٤٨ كتاب الصلاة] من حديث أبي هريرة، بنحوه.
(٨) أخرجه الدارمي [كتاب الصلاة، باب لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب] عبادة بن الصامت، به.
وهو عند البخاري [١٥١ كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم] ومسلم [٣٩٤ كتاب الصلاة] من حديث عبادة، بنحوه.
وقوله في أثناء الحديث: يريد المنفرد، هذا ليس من لفظ الحديث، وإنما من كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ تبعا لمذهب المالكية في أن الفاتحة لا تلزم المأموم.
ينظر: المدونة (١/ ٦٧) والنوادر والزيادات (١/ ١٧٧) والتاج والإكليل (١/ ٥١٨).

<<  <   >  >>