للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلماء الراسخين: كالزهري، والقاضي بكر بن العلاء القشيري، والقاضي أبي بكر بن العربي" (١).

ثانيا: ومما يشهد لمكانة هذا الكتاب وقيمته العلمية، أنه اختصار لكتاب أحكام القرآن الكبير للقاضي إسماعيل، وستأتي الإشارة إلى مكانة كتاب أحكام القرآن، ومنزلة مؤلفه القاضي إسماعيل في أول المبحث الثاني.

ثالثا: أثنى أهل العلم الذين ترجموا لأبي الفضل القشيري على كتابه أحكام القرآن، فهذا القاضي عياض يقول: " وألف بكر كتبا جليلة منها: كتاب الأحكام المختصر من كتاب إسماعيل بن إسحاق والزيادة عليه " (٢)، ونحو هذا قال ابن فرحون (٣) وقال الصفدي: " وصنف في المذهب كتبا جليلة: كتابا في الأحكام والرد على المزني .. " (٤)، والذهبي يقول عنه: " ومؤلفه في الأحكام نفيس" (٥).

ويقول ابن أبي زيد القيرواني في وصيته لأحد طلابه: " ... وإن كانت لك الرغبة في الرد على المخالفين من أهل العراق، وعلى الشافعي، فكتاب ابن الجَهْم إن وجدته، وإلا اكتفيت بكتاب الأَبْهُري إن اكتسبته، ففيه فوائد، وكتاب الأحكام لإسماعيل القاضي، وإلا اكتفيت باختصارها للقاضي ابن العلاء ... " (٦)، وهذه شهادة قيمة جدا من أحد أبرز رموز المذهب المالكي وأئمته.

رابعا: يعتبر كتاب أحكام القرآن للقشيري، من أقدم الكتب التي انتهت إلينا، وصارت بين أيدينا، مما ألف في أحكام القرآن الكريم، ذلك أن مؤلفه أبا الفضل القشيري ـ رحمه الله ـ توفي في أوائل القرن الرابع الهجري، عام أربع وأربعين وثلاثمائة للهجرة، وهو بهذا يعتبر من أقدم المؤلفات في أحكام القرآن الكريم.

خامسا: يتميز أحكام القرآن للقشيري، بسمة بارزة جديرة بالعناية، دالة على قيمته العلمية، هي ما يلاحظه الناظر من عناية كبيرة بآثار السلف وأقوالهم، فلا تكاد تخلو آية من آيات الأحكام التي تكلم عنها، من جملة من الآثار والروايات عن الصحابة والتابعين.

وأكثر من هذا أنه تضمن عددا من الآثار، التي لم أقف عليها في شيء من المصادر التفسيرية أو الحديثية، وقد أشرت في فهرس الآثار إليها وميزتها عن غيرها.

سادسا: وسمة بارزة لهذا الكتاب، تزيد من قيمته ومكانته العلمية، ما تضمنه من اختيارات وترجيحات لأبي الفضل القشيري، كان كثيرا ما يختم بها كلامه عن الآية أو المسألة، على نحو دال على رسوخ قدمه في العلم، وعلو كعبه فيه.

وهذا يدلنا على أن كتاب أبي الفضل القشيري، لم يكن مجرد اختصار على غرار بعض المختصرات، التي اكتفى مؤلفوها بالحذف والاختصار، بل تميز بهذه الزيادات في المسائل العلمية، مع الاختيار والترجيح.


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ١٨٥).
(٢) ترتيب المدارك (٥/ ٢٧١).
(٣) الديباج المذهب ص ١٠٠.
(٤) الوافي بالوفيات (١٠/ ١٣٦).
(٥) سير أعلام النبلاء (١٣/ ٥٣٨).
(٦) الذب عن مذهب مالك لابن أبي زيد القيرواني، وقد أرشدني إليه الأخ الدكتور/ أحمد العلمي، وذكر أنه مخطوط في شستربتي برقم ١٠٠ لوحة رقم: ٢٠١.

<<  <   >  >>