للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخذ القراءة عن قالون، والفقه عن ابن المعذل، والحديث عن علي بن المديني.

وكان عالما باللغة بارعا بالتصريف، حتى قال المُبَرِّد: " لولا أنه مشتغل برياسة العلم والقضاء لذهب برياستنا في النحو والأدب " (١).

" أعماله: ولي قضاء بغداد وجمعت له في وقت، ولم تجتمع لأحد قبله، وأضيف إليه قضاء المدائن والنهروانات، وولى قضاء أَخْيَرا، ومكث فيه مدة طويلة تزيد عن أربعين سنة (٢)، وكان ـ رحمه الله ـ قويا في الحق شديدا على أهل البدع، إذ كان من رأيه أن يستتابوا، حتى إنهم تحاموا بغداد في أيامه (٣).

" مكانته العلمية: لقد كان للقاضي إسماعيل ـ رحمه الله ـ أثر كبير في نشر مذهب مالك في العراق، وتقوية طريقته ورأيه، والاحتجاح له، على نحو لم يكن لأحد قبله من أهل العراق، حتى إنه يُعْتَبر ـ بحق ـ المؤسس الفعلي للمدرسة المالكية بالعراق، فهو الذي رسم ملامحها، وأسس قواعدها، ومهد طريقتها (٤)، ولهذا فقد كان ثناء أهل العلم عليه عَطِرا، وعباراتهم في ذلك تدل على قدر ما بلغه من مكانة علمية، ومنزلة بين أهل العلم.

وفي هذا السبيل أذكر نصا قَيّما من كلام الخطيب البغدادي في تاريخه، يكشف عن جوانب شخصيته العلمية المتميزة، قال ـ رحمه الله ـ: " وتقدم في هذا العلم حتى صار علما فيه، ونشر من مذهب مالك وفضله، ما لم يكن بالعراق في وقت من الأوقات، وصنف في الاحتجاج لمذهب مالك والشرح له، ما صار لأهل هذا المذهب مثالا يحتذونه،


(١) طبقات الفقهاء ص ١٦٧.
(٢) الديباج المذهب ص ٩٤.
(٣) ينظر: طبقات المفسرين للداودي (١/ ١٠٧).
(٤) ينظر من هذه الرسالة: التمهيد ص ٣٨.

<<  <   >  >>