للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويدل النص الذي تقدم ذكره عن أبي الفضل في أول هذه الفقرة ـ بضميمة القطعة المتبقية من الأصل ـ على أن هذه الزيادة اتخذت أربع صور، هي:

١. إيراد بعض الأحاديث والآثار.

مما لم يكن مخرجه من القاضي إسماعيل، وقد ذكرت في الفصل الأول عددا من الشيوخ الذين روى عنهم القشيري، وضربت أمثلة على رواياتهم هناك (١).

٢. إيراد بعض ما طرأ على المذهب.

زاد أبو الفضل كلاما عن بعض ما جَدَّ على مذهب المالكية، مما لم يقع في عصر القاضي إسماعيل، كبعض الاعتراضات والحجاج على المذهب، وقد أشار القشيري إلى هذا في خاتمة كتابه، ومثال ذلك: الكلام الذي جرى بين المؤلف وبين: داود الظاهري (٢)، وابن سريج الشافعي (٣)، وأبي جعفر الطحاوي الحنفي (٤).

٣. ومن الزيادات التي يصح أن تندرج تحت السبب الأول الذي أشار إليه القشيري، ما ورد عند قوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} (٥) قال: " وهذه الآية مخاطبة للإمام، ليس له إذا ثبت الحد عنده العفو عنه، ويجوز ذلك لسائر الرعية ترك رفعهما إلى الإمام، ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لصفوان بن أمية: ? فهلا قبل أن تأتينا به? وقال لهَزَّال: هلا سترته بثوبك? وقال في ماعز أيضا: ? هلا تركتموه? يريد لعله يؤدي إلى ما يزيل الحد، فالحاكم والإمام لا يجوز لهما العفو عن حقوق الله في الحدود المُوجَبَة بالأفعال، قال عبد الله بن مسعود: (يؤتى بالزائد في حدود الله يوم القيامة فيقال له: لم زدت في حدودي؟ فيقول: غضبا لك، فيقول الله عز وجل: أأنت أشد غضبا مني لنفسي! اذهبوا به إلى النار، ويؤتى بالناقص من حدود الله فيقول الله تبارك وتعالى له: لم نقصت من حدودي؟ فيقول: رحمة لعبادك، فيقول: أأنت أرحم بهم مني! اذهبوا به إلى النار) " (٦).

٤. الاختيارات والترجيحات.

ومن الزيادات في هذا المختصر: عدد كبير من الاختيارات التي ذهب إليها أبو الفضل القشيري، والترجيحات التي قررها في الآيات التي تكلم عنها.

وفي الحق: فهذه الاختيارات كثيرة وقيمة، سيأتي الحديث عنها في المبحث الثاني إن شاء الله تعالى.

وبهذا يتبين: أن الاختصار في حقيقته لم ينل من أساس المادة العلمية لكتاب أحكام القرآن للقاضي إسماعيل بن إسحاق؛ إذ تعلق بحذف الأسانيد، أو الروايات التي تكررت ألفاظها أو معانيها، أو ألفاظٍ أبقى في المختصر ما يدل عليها، ومثل هذه المحذوفات وإن تكن مهمة، فإنها لا تنال من أساس المادة العلمية.


(١) ينظر من هذه الرسالة: ص ٦٣.
(٢) ينظر من هذه الرسالة: سورة النور الآية (٢) و (٣٢) وقد قارنت الموضع الأول من السورة بالقطعة المتبقية من الأصل فلم أجد هذا الكلام الذي جرى من داود الظاهري فيها.
(٣) ينظر من هذه الرسالة: سورة المجادلة الآية رقم (١).
(٤) ينظر من هذه الرسالة: سورة الطلاق الآية رقم (٢).
(٥) سورة النور (٢).
(٦) ينظر من هذه الرسالة سورة النور الآية (٢).

<<  <   >  >>