للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(رحمك الله فلقد كنت ولقد كنت، فلما رأى المسلمون ذلك استغفروا لآبائهم، فنزلت الآية) وما الإسناد في ذلك بالقوي، والأقوى في ذلك أن قوما تأولوا استغفار إبراهيم، ولم يتأملوا ما بعد ذلك، فنزلت يعني إبراهيم ومن استغفر متأولا لأمر إبراهيم، ألا تراه ـ عز وجل ـ عقب بعد ذلك بأن قال: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} فقص القصة وتبريه بعد ذلك" (١).

وقد يذكر جملة من الأسباب المروية عن السلف في سبب النزول، فلا يردها ولا يرجح بينها، وإنما يصححها جميعا، على معنى أنها داخلة في معنى الآية، وحكمها الذي دلت عليه، كما في الروايات التي ذكرها في سبب نزول قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (٢) فقد ذكر تلك الروايات ثم قال عنها: " وكل ذلك سواء " (٣).

ثالثا: وكان في الغالب يذكر لفظ الرواية التي ذُكرت في سبب النزل، وربما اكتفى بالمعنى عن ذكر لفظ الرواية، مثال ذلك عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (٤) حيث قال: " أعراب بني تميم، وقيل: أعراب بني العنبر بن عمرو بن تميم، جاءوا فجعلوا ينادون: يا محمد يا محمد، بجفاء وغلظة، فأنزلت الآية فيهم" (٥).


(١) سورة التوبة (١١٤).
(٢) سورة النحل (١٠٦).
(٣) سورة النحل (١٠٦).
(٤) سورة الحجرات (٤).
(٥) ينظر من هذه الرسالة: سورة الحجرات الآية رقم (٤)، ومن الأمثلة كذلك: سورة الحشر الآية رقم (٦).

<<  <   >  >>