للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تبارك وتعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (١) الآية.

الطيبات التي أمر الله تبارك وتعالى بالإنفاق منها الحلال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يقبل الله صدقة من غلول (٢) (٣). فأمر أن يتقرب إليه بالطيب من اكتسابهم، ولا يتقربون إليه بحرام، ويدخل في ذلك أيضاً ألا يتقرب إنسان إلى الله عز وجل برديء الطعام، وحشف (٤) التمر وما أشبه ذلك، مما لا يأكله ولا يرضاه الإنسان لنفسه، ولو أعطيه لم يقبله، ألا ترى إلى قوله سبحانه: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} (٥) وإلى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين وجه بالمُصدِق أن لا يأخذ رفيع الغنم ولا العوار (٦) منها وأن يأخذ الوسط (٧)،


(١) [سورة البقرة: الآية ٢٦٧]
(٢) الغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل قسمتها. [النهاية في غريب الحديث: ٣٨٠].
(٣) روى مسلم في صحيحه: ١/ ٢٠٤ كتاب الطهارة حديث: ٢٢٤ عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول.
(٤) الحشف: اليابس الفاسد من التمر. [لسان العرب: ٩/ ٤٧].
(٥) [سورة البقرة: الآية ٢٦٧]
(٦) العوار بالفتح: العيب، وقد يضم. [النهاية في غريب الحديث: ٣/ ٣١٨].
(٧) روى البخاري في صحيحه: ٢/ ٥٢٨ كتاب الزكاة باب لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المُصدِق عن ثمامة أن أنساً - رضي الله عنه - حدثه أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب له التي أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم -: ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق.

قال ابن حجر: اختلف في ضبطه، فالأكثر على أنه بالتشديد والمراد المالك، وتقدير الحديث: لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلاً، ولا يؤخذ تيس وهو فحل الغنم إلا برضا المالك، وعلى هذا فالاستثناء مختص بالثالث، ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد وهو الساعي. [انظر فتح الباري: ٣/ ٤٠٤].

<<  <   >  >>