للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يعتضد بقوله عز وجل: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (١)، فأما ما قد كان وقبض فهو مما سلف، وهو مما لم يبق من الربا (٢)،


(١) [سورة البقرة: الآية ٢٧٨]
(٢) روي عن مالك رحمه الله أنه قال في قوله: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} أنه قال: ذلك في أهل الإسلام. رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره: ٢/ ٥٥١، وابن أبي زيد القيرواني في النوادر: ٥/ ٣٩٩.
قال الرازي: اعلم أنه تعالى لما بين في الآية المتقدمة أن من انتهى عن الربا فله ما سلف فقد كان يجوز أن يظن أنه لا فرق بين المقبوض منه وبين الباقي في ذمة القوم فقال تعالى في هذه الآية: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} وبين به أن ذلك إذا كان عليهم ولم يقبض فالزيادة تحرم، وليس لهم أن يأخذوا إلا رؤوس أموالهم، وإنما شدد تعالى في ذلك؛ لأن من انتظر مدة طويلة في حلول الأجل ثم حضر الوقت وظن نفسه على أن تلك الزيادة قد حصلت له فيحتاج في منعه عنه إلى تشديد عظيم، فقال: {اتَّقُوا اللَّهَ} واتقاؤه ما نهى عنه: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} يعني إن كنتم قد قبضتم شيئاً فيعفو عنه، وإن لم تقبضوه أو لم تقبضوا بعضه فذلك الذي لم تقبضوه كلاً كان أو بعضاً فإنه محرم قبضه. [التفسير الكبير: ٧/ ٨٦].

<<  <   >  >>