للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسفه - والله أعلم، وإن كان في موضع أريد به الدين، وموضع أريد به المال - يرجع إلى معنى واحد وهو الجهل في الشيء الذي قصد له، فالسفيه في الدين هو الجاهل فيه، والسفيه في المال هو الجاهل فيه، والسفيه في عقله هو الجاهل فيه، يقول الشاعر:

نخاف أن تسفه أحلامنا ... ونخمل الدهر مع الخامل (١)

وقد روي في تفسير: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} (٢) عن التابعين، فقال بعضهم: النساء والصبيان. وقال بعضهم: اليتامى. وسنذكر ذلك في سورة النساء إن شاء الله عز وجل، فإنه غلط عظيم.

قال الله عز وجل *: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٣)

قال مالك - رضي الله عنه -: ظاهر الآية يدل على أنهم الأحرار (٤)،


(١) الخامل: الخفي الساقط الذي لا نباهة له، يقال: هو خامل الذكر والصوت.
[مقاييس اللغة: ٣١٤، لسان العرب: ١١/ ٢٢١].
البيت في طبقات فحول الشعراء: ١/ ٢٨٢ ونسبه إلى الربيع بن أبي الحقيق من بني النضير، وفيه: فنخمل الدهر مع الخامل، وذكره الجصاص في أحكام القرآن: ١/ ٦٦٧ دون نسبة، وفيه: فنحمل الدهر مع الحامل، وعند ابن عساكر في تاريخ دمشق: ٢١/ ٢٣٤ فنحمل الدهر مع الخامل، ونسبه إلى سعيد بن عريض بن عادياء، وفي موضع آخر: ٤٥/ ٣٠٦ نسبه إلى الربيع بن أبي الحقيق اليهودي، وعند القرطبي في تفسيره: ٣/ ٣٨٦ دون نسبة، وفيه: ويجهل الدهر مع الحالم.
(٢) [سورة النساء: الآية ٥]
* لوحة: ٦٦/ب.
(٣) [سورة البقرة: الآية ٢٨٢]
(٤) لم أقف عليه بنصه، لكن انظر مذهب المالكية في عدم قبول شهادة العبيد عموماً في: الإشراف للقاضي ... عبد الوهاب: ٢/ ٩٧١، أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٣٣٩، تفسير القرطبي: ٣/ ٣٩٠، الذخيرة للقرافي: ١٠/ ٢٢٦.

وهذا قول: مجاهد، وعطاء، والحسن، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، وذهب الحنابلة إلى قبولها فيما عدا الحدود والقصاص.
وممن ذهب إلى قبولها: علي، وأنس، وعروة، وشريح، وإياس، وابن سيرين، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر.
أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٦٧٥، اختلاف العلماء للمروزي: ٢٨٢، المغني: ١٤/ ١٨٥.

<<  <   >  >>