للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلم الكلام؛ لأن الله جل وعلا قال: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (١) أي: أدنى ألا يكون منكم عول، والرجل إذا كانت له امرأة واحدة أو ملك يمين فهو يعولها، فكيف يكون ذلك أدنى ألا تعولوا وهو في هذه الحال الموصوفة؟ يقول هذا (٢)، خطأ من الكلام قبيح.

وإنما المعنى في قوله عز وجل: {ذَلِكَ يَاوَيْلَتَا أَنْ} (٣): ألا يكون منكم ميل إلى واحدة دون الأخرى؛ لأن الواحدة إذا كانت لم يلزمه عدل بينها وبين الأخرى في قسم الأيام بينهن والنفقة، فتؤثر بحسن المودة والمحبة، وإذا كانت واحدة وملك يمين لم يلزمه عدل في نفقة ولا قسمة مبيت، فأي شئ في هذا مما يدل على النفقة وكثرة العيال؟ بل ملك اليمين أدل على كثرة العيال؛ لأن الله عز وجل إنما أباح من النساء أربعاً، وأباح من ملك اليمين ما شاء من العدد (٤)،


(١) [سورة النساء: الآية ٣]
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصواب تكرار كلمة هذا: يقول هذا، هذا خطأ من الكلام قبيح.
(٣) [سورة النساء: الآية ٣]
(٤) قال الجصاص في بيان خطأ الشافعي من جهة المعنى: في الآية ذكر الواحدة أو ملك اليمين، والإماء في العيال بمنزلة النساء، ولا خلاف أن له أن يجمع من العدد من شاء بملك اليمين، فعلمنا أنه لم يرد كثرة العيال، وأن المراد نفي الجور والميل بتزوج امرأة واحدة إذ ليس معها من يلزمها القسم بينه وبينها لا قسم للإماء بملك اليمين.
[أحكام القرآن: ٢/ ٨٥].
وقد أجاب عن هذا الزمخشري حيث قال: فإن قلت: كيف يقال عيال من تسرى وفي السراري نحو ما في المهائر، قلت: ليس كذلك؛ لأن الغرض بالتزوج التوالد والتناسل بخلاف التسري، ولذلك جاز العزل عن السراري بغير إذنهن فكان التسري مظنة لقلة الولد بالإضافة الى التزوج كتزوج الواحدة بالاضافة الى تزوج.
[الكشاف: ١/ ٥٠٠، وانظر المحرر الوجيز: ٤/ ١٨، ومفاتيح الغيب: ٩/ ١٤٥، والبحر المحيط: ٣/ ٥٠٩]

<<  <   >  >>